١٩٣

وقوله: (وَقَاتِلُوهُمْ حَتَّى لَا تَكُونَ فِتْنَةٌ وَيَكُونَ الدِّينُ للّه (١٩٣)

أنه أمرنا بالقتال مع الكفرة ليسلموا.

فَإِنْ قِيلَ: أيش الحكمة في قتل الكفرة، وهو في الظاهر غير مستحسن في العقل؟ قيل: إنا نقاتلهم ليسلموا، ولا نقتلهم إلا أن يأبوا الإسلام، فإن أبوا ذلك ثم لم نقتلهم لا يسلمون أبدًا؛ لذلك قتلناهم، إذ في القتل ذهاب الفتنة.

ويحتمل: {وَقَاتِلُوهُمْ حَتَّى لَا تَكُونَ فِتْنَةٌ}، على وجه الأرض، أي تطهر من الشرك.

وقال قوم: {وَالْفِتْنَةُ} هاهنا العذاب، أي: قاتلوا حتى لا يقدروا عليه كفار.

وقوله: {وَيَكُونَ الدِّينُ للّه}.

أي: ليكون {الدِّينُ} دين اللّه في الأرض لا الشرك. و {الدِّينُ}: الحكم.

وقوله: {فَإِنِ انْتَهَوْا فَلَا عُدْوَانَ إِلَّا عَلَى الظَّالِمِينَ}.

فَإِنْ قِيلَ: فإذا صار الدِّين كله للّه، فلا ظالم هنالك، فما معنى هذا الكلام؟

قيل: يحتمل: أن لا عدوان إلا على الظالم الذي أحدث الظلم من بعد.

ويحتمل: أن لا عدوان إلا على من بقي منهم مع الظلم.

فَإِنْ قِيلَ: فلم سمي عدوانًا، والعدوان هو ما لا يحل؟

قيل: لأنه جزاء العدوان، وإن لم يكن هو في الحقيقة عدوانا، فسمي باسمه كما سمي جزاء السيئة سيئة وإن لم يكن هو سيئة في الحقيقة؛ كقوله: {وَجَزَاءُ سَيِّئَةٍ سَيِّئَةٌ مِثْلُهَا} وكما سمي جزاء الاعتداء اعتداء وإن لم يكن هو في الحقيقة اعتداء؛ فكذلك الأول.

﴿ ١٩٣