٢١٨

وقوله: (إِنَّ الَّذِينَ آمَنُوا (٢١٨)

تضمن قوله: {آمَنُوا} والإيمان باللّه، والإيمان بجميع ما جاء به الرسل من الرسالات وغيرها.

وقوله: {وَالَّذِينَ هَاجَرُوا}.

الهجرة تكون على وجهين:

أحدهما: الهجرة المعروفة التي كانت إلى رسول اللّه - صَلَّى اللّه عَلَيهِ وَسَلَّمَ - بالمدينة، وهو كقوله: (وَمَنْ يُهَاجِرْ فِي سَبِيلِ اللّه يَجِدْ فِي الْأَرْضِ مُرَاغَمًا كَثِيرًا وَسَعَةً وَمَنْ يَخْرُجْ مِنْ بَيْتِهِ مُهَاجِرًا إِلَى اللّه وَرَسُولِهِ ثُمَّ يُدْرِكْهُ الْمَوْتُ فَقَدْ وَقَعَ أَجْرُهُ عَلَى اللّه وَكَانَ اللّه غَفُورًا رَحِيمًا (١٠٠).

ثم رُويَ عن رسول اللّه - صَلَّى اللّه عَلَيهِ وَسَلَّمَ -، أنه قال: " لا هجرة بعد فتح مكة ".

والهجرة الثانية: هجرة الآثام والإجرام، فهي لا ترتفع أبدًا.

وقال الحسن في قوله تعالى: {وَمَنْ يُهَاجِرْ فِي سَبِيلِ اللّه}: أي بالعداوة منه لمن كفر باللّه.

وقال أبو بكر الصديق - رضي اللّه تعالى عنه -: أن يهجر قومه وداره ويخرج للّه.

وقوله: {وَجَاهَدُوا فِي سَبِيلِ اللّه}.

المجاهدة تكون على وجوه:

مجاهدة العدو، ومجاهدة الشيطان، ومجاهدة النفس.

وقوله: {أُولَئِكَ يَرْجُونَ رَحْمَتَ اللّه}.

فيه دلالة على أن الذي يحق رجاؤه يعمل ما ذكر اللّه.

وقوله: {رَحْمَتَ اللّه}، يحتمل وجهين: الرحمة: الجنة، والرحمة: المغفرة.

وقوله: {وَاللّه غَفُورٌ رَحِيمٌ}.

لما كان منهم من التقصير فيما ذكر من المجاهدة والمهاجرة.

* * *

﴿ ٢١٨