٢٣٦وقوله: (لَا جُنَاحَ عَلَيْكُمْ إِنْ طَلَّقْتُمُ النِّسَاءَ مَا لَمْ تَمَسُّوهُنَّ أَوْ تَفْرِضُوا لَهُنَّ فَرِيضَةً وَمَتِّعُوهُنَّ عَلَى الْمُوسِعِ قَدَرُهُ وَعَلَى الْمُقْتِرِ قَدَرُهُ مَتَاعًا بِالْمَعْرُوفِ حَقًّا عَلَى الْمُحْسِنِينَ (٢٣٦) فيه دليل رخصة طلاق غير المدخولات بهن في الأوقات كلها؛ إذ لا يتكلم بنفي الجناح إلا في موضع الرخصة، ولم يخص وقتًا دون وقت. وأما المدخولات بهن فإنه عز وجل ذكر لطلاقهن وقتًا بقوله: {إِذَا طَلَّقْتُمُ النِّسَاءَ فَطَلِّقُوهُنَّ لِعِدَّتِهِنَّ وَأَحْصُوا الْعِدَّةَ}؛ لذلك قال أصحابنا - رحمهم اللّه تعالى -: أن لا بأس للرجل أن يطلق امرأته في حال الحيض إذا لم يدخل بها. وجهه: أنه إذا كان دخل بها فعرف وقت طهرها مه، سبق من الدخول بها، فأمر بالطلاق في ذلك الوقت ليكون أدعى إلى المراجعة إذا ندم على طلاقها. وأما التي لم يدخل بها لا يعرف وقت طهرها لما لم يسبق منه ما به يعرف ذلك الوقت، فلم يؤمر بحفظ ذلك الوقت. ولأنه إذا لم يدخل بها فإن الطلاق بينهما منه، فجعل كل الأوقات له وقتا للطلاق، لما لم يجعل له حق المراجعة قبلها ليكون بعض الأوقات له أدعى إلى ذلك. واللّه أعلم. والثاني: أن المدخول بها يتوهم علوقها منه، فجعل الطلاقها وقتًا لتستبين حالها: أحامل، أم لا؟ لئلا يندم على طلاقها؛ لأن الرجل إذا طلق امرأته ثم علم أنها حامل يندم على طلاقها؛ لذلك كان الجواب ما ذكرنا. واللّه أعلم. وفيه دليل رخصة طلاق المبين منه إذا لم يملك إمساكها عند الندامة. لأن الطلاق قبل الدخول تبين المرأة من زوجها. والأصل في الأمرين - جعل الطلاق في وقت حلها للأزواج. وكل الأوقات في غير المدخول بها وقت الحل. وقوله تعالى: {أَوْ تَفْرِضُوا لَهُنَّ فَرِيضَةً} ومعناه - ولم تفرضوا لهن فريضة، كأنه عطف على قوله: {وَلَا جُنَاحَ عَلَيْكُمْ}، إلى قوله عَزَّ وَجَلَّ: {مَا لَمْ تَمَسُّوهُنَّ}، دليله قوله تعالى: {وَمَتِّعُوهُنَّ}، دل الأمر بالمتعة أن قوله تعالى: {أَوْ تَفْرِضُوا لَهُنَّ}، معناه - ولم تفرضوا لهن. ودل قوله عَزَّ وَجَلَّ: {فَنِصْفُ مَا فَرَضْتُمْ} "، أن ذلك في غير المفروض لها؛ حيث أوجب في المفروض نصف المفروض كانت التي وقعت الفرقة عليها بغير طلاق يلزمها ما يلزم المطلقة، ومثل ذلك كثير مما يكثر ذكره. واللّه أعلم. وأما عندنا فإنه لا تلزم المتعة، ولكن يلزم مهر المثل لوجوه: أحدها: قوله تعالى: {وَإِنْ طَلَّقْتُمُوهُنَّ مِنْ قَبْلِ أَنْ تَمَسُّوهُنَّ وَقَدْ فَرَضْتُمْ لَهُنَّ فَرِيضَةً فَنِصْفُ مَا فَرَضْتُمْ}، ذكر في الطلاق قبل الدخول نصف المفروض، وفي الدخول كل المفروض؛ فعلى ذلك ما أوجب من الحكم في التي لم يدخل بها ولم يسم لها مهرًا دون ما أوجب في حكم الدخول. واللّه أعلم. والثاني: أن المقصود بالنكاح إنما يكون إلى موت أحد الزوجين، فإذا كان كذلك لزم كل المسمى أو كل مهر المثل. واللّه أعلم. والثالث: الخبر الذي ذكرنا: أنه قضى بمهر المثل، وخبر أمثال هَؤُلَاءِ مقبول إذا كانت البلية في مثله بلية خاصة، إذ بمثل هذا لا يبلى إلا الخواص من الناس؛ لذلك كان ما ذكرنا. |
﴿ ٢٣٦ ﴾