٢٧٥

قَالَ بَعْضُهُمْ: قوله تعالى: {الَّذِينَ يَأْكُلُونَ الرِّبَا}، ليس على حقيقة الأكل، ولكنه كان على الأخذ، كقوله تعالى: {وَأَخْذِهِمُ الرِّبَا وَقَدْ نُهُوا عَنْهُ}. فإذا كان هذا على الأخذ فقوله تعالى: {لَا يَقُومُونَ إِلَّا كَمَا يَقُومُ الَّذِي يَتَخَبَّطُهُ الشَّيْطَانُ مِنَ الْمَسِّ} هو على التمثيل، ليس على التحقيق.

وقال آخرون: هو على نفس الأكل، وما ذكر من العقوبة، لما أكلوا من الربا لا يقومون يوم القيامة إلا كما يقوم المجنون المنخنق.

وقال غيرهم: ذلك لاستحلالهم الربا، وتخبيطهم اللّه عَزَّ وَجَلَّ في الحكم في تحريمهم الربا بقولهم: {قَالُوا إِنَّمَا الْبَيْعُ مِثْلُ الرِّبَا}.

ثم قوله: {ذَلِكَ بِأَنَّهُمْ قَالُوا إِنَّمَا الْبَيْعُ مِثْلُ الرِّبَا}، فيه دليل جواز القياس في العقل؛ لأنه لو لم يكن في العقل جوازه لم يكن لقولهم: {إِنَّمَا الْبَيْعُ مِثْلُ الرِّبَا} معنى. لكنهم لم يعرفوا معنى المماثلة.

ثم المماثلة على الوجهين: مماثلة أسباب، ومماثلة أحوال.

فالمماثلة التي هي مماثلة أحوال: هي ابتداء محنة في الفعل، لا يقاس على غيره، نحو أن يقال: اقعد، أو أن يقال: قم، لا يقاس القيام على القعود، ولا القعود على القيام، إنما هو محنة لا يلزم غير المخاطب به.

وأما مماثلة الأسباب: فهي مماثلة الإيجاب، نحو أن يقال: حرم اللّه السكر في الخمر، فحيث ما وجد السكر يحرم؛ لأنه يجني على العقل، فكل شيء يجني عليه فهو محرم التناول منه.

وقوله تعالى: {إِنَّمَا الْبَيْعُ مِثْلُ الرِّبَا}.

يقولون: لما جاز أن يباع ثوب يساوي عشرة بأحد عشر، كيف لا جاز أن يباع عشرة بأحد عشر؟

وقوله تعالى: {وَمَنْ عَادَ فَأُولَئِكَ أَصْحَابُ النَّارِ هُمْ فِيهَا خَالِدُونَ}.

إن المعتزلة استدلوا على الوعيد لأهل الإسلام بما ذكر فيه من العود.

لكن بدء الآية على الاستحلال، فعلى ذلك العود إليه على جهة الاستحلال، يدل عليه قوله تعالى: {وَاللّه لَا يُحِبُّ كُلَّ كَفَّارٍ أَثِيمٍ} فأثبت له الكفر بالذي كان منه في الابتداء، وهو الاستحلال؛ فكذلك العود إليه.

﴿ ٢٧٥