٢١

وقوله: {إِنَّ الَّذِينَ يَكْفُرُونَ بِآيَاتِ اللّه}: قيل: بآيات اللّه التي في كتابهم: من بعث مُحَمَّد - صَلَّى اللّه عَلَيهِ وَسَلَّمَ -، وصفته.

وقيل: {بِآيَاتِ اللّه}: بالقرآن، وبمُحَمَّد - صَلَّى اللّه عَلَيهِ وَسَلَّمَ -.

{وَيَقْتُلُونَ}: يحتمل قوله: {وَيَقْتُلُونَ} أي. يهمون يريدون قتلهم؛ كقوله: (فَإِنْ قَتَلُوكُمْ (١) فَاقْتُلُوهُمْ)، فلو كان على حقيقة القتل، فإذا قتلونا لم نقدر على قتلهم؛ وكقوله: {فَإِذَا قَرَأْتَ الْقُرْآنَ فَاسْتَعِذْ بِاللّه}، أي: إذا أردت أن تقرأ القرآن؛ وكقوله: {إِذَا قُمْتُمْ إِلَى الصَّلَاةِ فَاغْسِلُوا} كذا، أي: إذا أردتم أن تقوموا إلى الصلاة؛ لأنه إذا قام إلى الصلاة لم يقدر على الغسل؛ فكذلك الأول.

ويحتمل أن يريد: الرضا بقتل آبائهم الأنبياء، فأضاف ذلك إليهم.

وقيل: إنه أراد آباءهم الذين قتلوا الأنبياء.

__________

(١) هذه قراءة حمزة والكسائي -بغير ألف- واللّه أعلم.

وقيل: جاءَ أنهم كانوا يقتلون ألف نبي كل يوم، قال الشيخ: لا أعرف هذا، فإن صح فهو على أنهم تمنوا ذلك، أو قتلوا نبيا وأنصاره، فسموا أنبياء؛ لما كان ينبئ بعضهم بعضا، واللّه أعلم.

وقوله: {فَبَشِّرْهُمْ بِعَذَابٍ أَلِيمٍ}: لو كان أراد آباءَهم كيف يأمر رسوله - صَلَّى اللّه عَلَيهِ وَسَلَّمَ - بالبشارة وهم موتى؟! دل هذا على أن التأويل هو الأول: أنهم هموا بقتلهم، أو ورضوا بصنع آبائهم، واللّه أعلم.

والبشارة المطلقة إنما تستعمل في الشرور والخيرات خاصة، إلا أن تكون مقيدة؛ فحينئذ تجوز في غيرها؛ كقوله: {فَبَشِّرْهُمْ بِعَذَابٍ أَلِيمٍ} قيدها هنا؛ لذلك قال أصحابنا - رحمهم اللّه -: أن ليست الحقائق أولى من المجاز، ولا الظاهر أولى من الباطن؛ إلا بدليل على ما صرفت أشياء كثيرة عن حقائقها بالعرف؛ من نحو: الإيمان، وغيرها.

﴿ ٢١