٢٣

وقوله: {أَلَمْ تَرَ إِلَى الَّذِينَ أُوتُوا نَصِيبًا مِنَ الْكِتَابِ}

قوله: {أَلَمْ تَرَ} إنما يتكلم به لأحد معنيين:

إما للتعجب من الأمر العظيم؛ يقول الرجل لآخر: ألم تر فلانا يقول كذا، أو يعمل كذا؟! يقول ذلك له؛ لعظيم ما وقع عنده.

وإمّا للتنبيه.

فأيّهما كان ففيه تحذير للمؤمنين؛ ليحذر المؤمنون عن مثل صنيعهم؛ كقوله: {وَلَا يَكُونُوا كَالَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ مِنْ قَبْلُ} من قبل الآية؛ حذر المؤمنين أن يكونوا مثل أُولَئِكَ الذين أوتوا الكتاب، ولا يخالفوا كتابهم كما خالفوا هم.

وقوله: {يُدْعَوْنَ إِلَى كِتَابِ اللّه}:

يحتمل أن يكون أراد بالكتاب: التوراة؛ على ما قيل: إن النبي - صَلَّى اللّه عَلَيهِ وَسَلَّمَ - قال لهم: " أَسْلِمُوا تَهْتَدُوا، وَلَا تَتَكَبَّرُوا " فقالوا: نحن أهدى وأحق بالهدى منك. وما أرسل اللّه رسولًا بعد موسى - عليه السلام - فقال لهم النبي - صَلَّى اللّه عَلَيهِ وَسَلَّمَ -: " بَيّنِى وَبَيّنَكُمُ التَورَاةُ وَالإنْجِيلُ؛ فَإِنَهُ مَكْتُوبٌ فِيهِمَا " يعني: وإني رسول اللّه، فأبوا ذلك خوفًا وإشفاقًا على ظهور كذبهم.

وقيل: أراد بالكتاب: القرآن، دعوا إليه؛ لأنه مصدق لما معهم من الكتاب، فأبوا ذلك.

﴿ ٢٣