٢٨

وقوله: {لَا يَتَّخِذِ الْمُؤْمِنُونَ الْكَافِرِينَ أَوْلِيَاءَ مِنْ دُونِ الْمُؤْمِنِينَ} يحتمل وجهين:

يحتمل: {لَا يَتَخِذِ}، أي: لا يكونون أولياء لهم، وإن اتخذوا أولياء؛ بل هم لهم أعداء؛ كقوله: {لَا تَجِدُ قَوْمًا يُؤْمِنُونَ بِاللّه وَالْيَوْمِ الْآخِرِ. . .}، إلى آخر الآية.

ويحتمل: على النهي، أي: لا تتخذوا أولياء؛ كقوله: {لَا تَتَّخِذُوا عَدُوِّي وَعَدُوَّكُمْ أَوْلِيَاءَ}

وكقوله: {لَا تَتَّخِذُوا الْيَهُودَ وَالنَّصَارَى أَوْلِيَاءَ}.

وقوله: {إِلَّا أَنْ تَتَّقُوا مِنْهُمْ تُقَاةً}: اختلف فيه: قيل: إلا أن يكون بينكم وبينهم قرابة ورحم؛ فتصلون أرحامهم من غير أن تتولوهم في دينهم، على ما جاء عن علي - رَضِيَ اللّه عَنْهُ - أنه قال لرسول اللّه - صَلَّى اللّه عَلَيهِ وَسَلَّمَ - لما مات أبوه أبو طالب -: " إِنَّ عَمَّكَ الضَّالَّ تُوفي "، فقال له رسول اللّه - صَلَّى اللّه عَلَيهِ وَسَلَّمَ - " اذْهَبْ فَوَارِهِ ".

ويحتمل قوله: {إِلَّا أَنْ تَتَّقُوا} على أنفسكم {مِنْهُمْ تُقَاةً}، إلا أن تخافوا منهم فتظهروا لهم ذلك مخافة الهلاك، وقلوبكم على غير ذلك.

وعن ابن عَبَّاسٍ - رَضِيَ اللّه عَنْهُ -: " التَّقِيَّةُ: التكلُّمُ بِاللسَانِ، وَقَلْبُه مُطْمَئِن بِالإيمَانِ ".

وقوله: {وَيُحَذِّرُكُمُ اللّه نَفْسَهُ}:

قيل: عقوبته.

وقيل: نقمته؛ يقول الرجل لآخر: احذر فلانًا، إنما يريد نقمته وبوائقه؛ فعلى ذلك قوله: {وَيُحَذِّرُكُمُ اللّه نَفْسَهُ} عقوبته. وبوائقه، التي تكون من نفسه لما يكون ذلك به لا بغيره، واللّه أعلم.

﴿ ٢٨