٣٥

وقوله: (إِذْ قَالَتِ امْرَأَتُ عِمْرَانَ رَبِّ إِنِّي نَذَرْتُ لَكَ مَا فِي بَطْنِي مُحَرَّرًا (٣٥)

لما أخبر - عَزَّ وَجَلَّ - أنه اصطفي آل عمران واختارهم على سائر العالمين، وكان أقل ما في صفوته واختياره أن جعلت امرأة عمران ما في بطنها مُحَرَّرًا.

{والْمُحَرَّر}: هو العتيق عن المعاش بالعبادة.

وقيل: " الْمُحَرَّر " هو الذي يعبد اللّه - نعالى - خالصًا مطيعًا، لا يشغله شيء عن عبادته، فارغًا لذلك، وهو قول ابن عَبَّاسٍ - رَضِيَ اللّه عَنْهُ.

وقيل: " الْمُحَرَّر " هو الذي يكون للّه صافيًا.

وقيل: " الْمُحَرَّر " هو مَنْ خَدَمَ المسجد.

وقوله: {إِنِّي نَذَرْتُ لَكَ مَا فِي بَطْنِي مُحَرَّرًا}

جعلت ما في بطنها للّه خالصًا، لم تطلب منه الاستئناس به، ولا ما يطمع الناس من أولادهم، وذلك من الصفوة التي ذكر - عَزَّ وَجَلَّ - وهكذا الواجب على كل أحد أنه إذا طلب ولدًا أن يطلب للوجه الذي طلبت امرأة عمران وزكريا، حيث قال: {رَبِّ هَبْ لِي مِنْ لَدُنْكَ ذُرِّيَّةً طَيِّبَةً}، وما سأل إبراهيم - عليه السلام -: {رَبِّ هَبْ لِي مِنَ الصَّالِحِينَ}، وكقوله: {وَالَّذِينَ يَقُولُونَ رَبَّنَا هَبْ لَنَا مِنْ أَزْوَاجِنَا. . .} الآية هكذا الواجب أن يطلب الولد لا ما يطلبون من الاستئناس والاستنصار والاستعانة بأمر المعاش بهم.

وقوله: {إِنَّكَ أَنْتَ السَّمِيعُ الْعَلِيمُ}.

أي: تقبل مني قرباني، وما جعلت لك خالصًا، إنك أنت السميع لنذري، العليم بقصدي في التحرير.

وقيل: {السَّمِيعُ}: المجيب لدعائي، (العليم) بنيتي.

﴿ ٣٥