٣٧وقوله: (فَتَقَبَّلَهَا رَبُّهَا بِقَبُولٍ حَسَنٍ (٣٧) يحتمل قوله: {فَتَقَبَّلَهَا رَبُّهَا بِقَبُولٍ حَسَنٍ}: أن أعاذها وذريتها من الشيطان الرجيم على ما سألت. ويحتمل أن جعلها تصلح للتحرير ولما جعلت، وإن كانت أنثى. وقوله: {وَأَنْبَتَهَا نَبَاتًا حَسَنًا}. يحتمل -أيضًا- نباتًا حسنًا؛ أن لم يجعل للشيطان إليها سبيلًا. ويحتمل أن ربَّاها تربية حسنة؛ أن لم يجعل رزقها وكفايتها بيد أحد من الخلق؛ بل هو الذي يتولى ذلك لما يبعث إليها من ألوان الرزق، كقوله: {وَجَدَ عِنْدَهَا رِزْقًا}، وكقوله: {وَهُزِّي إِلَيْكِ بِجِذْعِ النَّخْلَةِ تُسَاقِطْ عَلَيْكِ رُطَبًا جَنِيًّا}. وقوله: {وَكَفَّلَهَا زَكَرِيَّا}. فيه لغتان: إحداهما: بالتخفيف، والأخرى: بالتشديد؛ فمن قرأ بالتخفيف؛ فمعناه ضمَّها زكريا إلى نفسه، ومن قرأ بالتشديد؛ فمعناه: أن اللّه - عَزَّ وَجَلَّ - ضمَّها إلى زكريا. وقوله: {كُلَّمَا دَخَلَ عَلَيْهَا زَكَرِيَّا الْمِحْرَابَ وَجَدَ عِنْدَهَا رِزْقًا}. قيل: وجد عندها فاكهة الصيف في الشتاء، وفاكهة الشتاء في الصيف - قال زكريا: {أَنَّى لَكِ هَذَا}. قيل فيه بوجهين: قيل: استخبار عن موضعه، أو كيف لك هذا، على الاستيصاف؛ إنكارًا عليها واتهامًا؛ لما لا يدخل عليها غيره، ولا يقوم بكفايتها سواه، فوقع في قلبه أنَّ أحدًا من البشر يأتيها بذلك. وقيل: إنه قال ذلك؛ تعجبًا منه لذلك لما رأى من الفاكهة والطعام في غير حينه غير متغير؛ فقال: {أَنَّى لَكِ هَذَا}؛ تعجبًا منه لذلك. ثم قالت: {هُوَ مِنْ عِنْدِ اللّه إِنَّ اللّه يَرْزُقُ مَنْ يَشَاءُ بِغَيْرِ حِسَابٍ}. أي: يرزق من حيث لا يحتسب. * * * |
﴿ ٣٧ ﴾