٤٣

وقوله: (يَا مَرْيَمُ اقْنُتِي لِرَبِّكِ (٤٣)

يحتمل وجهين:

الأمر بالقنوت: القيام، ثم الأمر بالسجود، أي: الصَّلاة، ثم الأمر بالركوع مع الراكعين؛ وهو الصلاة بجماعة؛ ففيه الأمر بالصلاة بالجماعة، على ما هو علينا؛ لأنه قال: {وَارْكَعِي مَعَ الرَّاكِعِينَ}؛ وعلى ذلك روي في الخبر: أنه سئل عن أفضل الصَّلاة؟ فقال: " طُولُ القُنُوتُ ".

ويحتمل أنه الأمر بالركوع، ثم بالسجود؛ فيدل أن السجود -وإن كان مقدمًا ذكره على الركوع- فإنه ليس في تقديم ذكر شيء على شيء، ولا تأخير شيء عن شيء في الذكر دلالة وجوب الحكم كذلك.

وقيل: القنوت: هو الخضوع والطاعة؛ كقوله: {وَقُومُوا للّه قَانِتِينَ}

أي: خاضعين مطيعين.

فَإِنْ قِيلَ: كيف أُمِرَتْ بالركوع مع الراكعين؟! قيل: كانوا - واللّه أعلم - ذوي قرابة منها ورحم؛ ألا ترى أنهم كيف اختصموا في ضمها وإمساكها، حتى أراد كل واحد منهم ضمها إلى نفسه، وأنه الأحق بذلك؟! دل أن بينهم وبينها رحمًا وقرابة.

وقيل في قوله: {اقْنُتِي}: أي: أطيلي الركوع في الصَّلاة واللّه أعلم.

قال الشيخ - رحمه اللّه -: يحتمل {مَعَ الرَّاكِعِينَ}: أي: ممن يركع ويخضع له بالعبادة، لا على الاجتماع - واللّه أعلم - كيف كان الأمر في ذلك؟.

﴿ ٤٣