٨١

وقوله: (وَإِذْ أَخَذَ اللّه مِيثَاقَ النَّبِيِّينَ لَمَا آتَيْتُكُمْ مِنْ كِتَابٍ وَحِكْمَةٍ (٨١)

قال مجاهد: هذا خطأ من الكاتب، وهي في قراءة ابن مسعود - رَضِيَ اللّه عَنْهُ - " ميثاق الذين أوتوا الكتاب "؛ على ما ذكر في آية أخرى: {وَإِذْ أَخَذَ اللّه مِيثَاقَ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ}؛ لأن الميثاق لا يؤخذ على النبيين أن يصدقوا، لكنه يجوز هذا.

ثم اختلف فيه، قيل: ميثاق الأوّل من الأنبياء - ليصدقن بما جاء به الآخر منهم، لو أدرك.

وقِيل: أخذ اللّه ميثاقًا على النبيين أن يصدق بعضهم بعضًا، وأن يبلغوا كتاب اللّه ورسالاته إلى قومهم؛ ففعلوا، ثم أخذوا مواثيق قومهم أن يؤمنوا بمحمّد - صَلَّى اللّه عَلَيهِ وَسَلَّمَ - ويصدقوه وينصروه.

وقيل: أخذ اللّه على النبيين ميثاقًا على أن يبلغوا الرسالة إلى قومهم، ويدعوا الناس إلى دين اللّه.

قال الكسائي فيه بوجهين:

أحدهما: يقول: ميثاق الذين منهم النبيّون وهم بنو إسرائيل، وكل ميثاق ذكره اللّه -

تعالى - في القرآن في أهل الكتاب، فإنما يراد به بنو إسرائيل.

والثاني: ذكره كما ذكرنا من تصديق بعضهم بعضًا، وتبليغ كتب اللّه إلى قومهم.

وقوله: {ثُمَّ جَاءَكُمْ رَسُولٌ مُصَدِّقٌ لِمَا مَعَكُمْ}.

أخذ عليهم الميثاق؛ ليأخذوا على قومهم المواثيق أن يؤمنوا بمُحَمَّد - صَلَّى اللّه عَلَيهِ وَسَلَّمَ - إذا خرج وينصروه.

وقوله: {قَالَ أَأَقْرَرْتُمْ}:

قال اللّه - تعالى - للأنبياء: {قَالَ أَأَقْرَرْتُمْ وَأَخَذْتُمْ عَلَى ذَلِكُمْ إِصْرِي}، قيل: هو عهدي.

والإصر: قيل: هو العهد.

{قَالُوا أَقْرَرنَا}

بالعهد لنؤمنن به ولننصرنه، وأخذنا على قومنا ليؤمنن به ولينصرنه، وقال اللّه - تعالى -: {فَاشْهَدُوا وَأَنَا مَعَكُمْ مِنَ الشَّاهِدِينَ}

ويقول اللّه - تعالى -: وأنا على إقراركم بمُحَمَّد - صَلَّى اللّه عَلَيهِ وَسَلَّمَ - من الشاهدين.

وقيل: قال اللّه: فاشهدوا أني قد أخذت عليكم بالعهد، وأنا معكم من الشاهدين أنكم قد أقررتم بالعهد.

﴿ ٨١