٩٠

وقوله: {إِنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا بَعْدَ إِيمَانِهِمْ ثُمَّ ازْدَادُوا كُفْرًا لَنْ تُقْبَلَ تَوْبَتُهُمْ} الآية:

اختلف فيه، قيل: قوله: {كَفَرُوا بَعْدَ إِيمَانِهِمْ ثُمَّ ازْدَادُوا}، أي: ماتوا على ذلك، فذلك زيادتهم الكفر.

وقيل: {إِنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا}: بعيسى بعد الإيمان بالرسل جميعًا، ثم ازدادوا كفرًا: بمُحَمَّد - صَلَّى اللّه عَلَيهِ وَسَلَّمَ - {لَنْ تُقْبَلَ تَوْبَتُهُمْ}، قيل: لن تقبل توبتهم التي تابوا مرة ثم تركوها.

وقيل: {لَنْ تُقْبَلَ تَوْبَتُهُمْ} التي أظهروا باللسان، وما كان ذلك في قلوبهم، أي:

ليست لهم توبة إلا أن يكون توبة منهم فترد؛ كقوله: {لَا تُغْنِي شَفَاعَتُهُمْ}.

وقيل: هم قوم علم اللّه أنهم لا يتوبون أبدًا؛ فأخبر أنه لا يقبل توبتهم؛ كقوله: {أَأَنْذَرْتَهُمْ أَمْ لَمْ تُنْذِرْهُمْ لَا يُؤْمِنُونَ}.

وقيل: لا تقبل توبتهم عند الموت؛ كقوله: {فَلَمَّا رَأَوْا بَأْسَنَا قَالُوا آمَنَّا بِاللّه وَحْدَهُ}، وكقوله: {وَإِنْ مِنْ أَهْلِ الْكِتَابِ إِلَّا لَيُؤْمِنَنَّ بِهِ قَبْلَ مَوْتِهِ}، وكقوله: {لَا يَنْفَعُ نَفْسًا إِيمَانُهَا لَمْ تَكُنْ آمَنَتْ مِنْ قَبْلُ أَوْ كَسَبَتْ}: أخبر أنه لا ينفع الإيمان في ذلك الوقت؛ فعلى ذلك قوله: (لَنْ تُقْبَلَ تَوْبَتُهُمْ في ذلك الوقت؛ إذا داموا على الكفر إلى ذلك الوقت.

قال الشيخ - رحمه اللّه - في قوله: {إِنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا بَعْدَ إِيمَانِهِمْ ثُمَّ ازْدَادُوا كُفْرًا لَنْ تُقْبَلَ تَوْبَتُهُمْ} -: ذلك في قوم مخصوصين، أي: لا يكون منهم توبة؛ كقوله: {وَلَا يُقْبَلُ مِنْهَا شَفَاعَةٌ}، أي: لا شافع لهم، ويحتمل عند رؤية بأس اللّه وجزاء فعله عند القيامة أو معاينة الموت؛ يدل على ذلك الآية التي تقدمت.

﴿ ٩٠