١٢٨وقوله. {لَيْسَ لَكَ مِنَ الْأَمْرِ شَيْءٌ أَوْ يَتُوبَ عَلَيْهِمْ. . .} الآية. قوله: {لَيْسَ لَكَ مِنَ الْأَمْرِ شَيْءٌ}: إنما أنت عبد مأمور؛ فليس لك من الأمر؛ إنما ذلك إلى الواحد القهار، الذي لا شريك له ولا ند؛ كقوله: {يَقُولُونَ هَلْ لَنَا مِنَ الْأَمْرِ مِنْ شَيْءٍ قُلْ إِنَّ الْأَمْرَ كُلَّهُ للّه}. وقوله: {أَوْ يَتُوبَ عَلَيْهِمْ أَوْ يُعَذِّبَهُمْ. . .} الآية فيه: أنه كان من النبي - صَلَّى اللّه عَلَيهِ وَسَلَّمَ - معنى قولًا وفعلًا، حتى ترك قوله: {لَيْسَ لَكَ مِنَ الْأَمْرِ شَيْءٌ أَوْ يَتُوبَ عَلَيْهِمْ أَوْ يُعَذِّبَهُمْ}، ولكنا لا نعلم ذلك المعنى، غير أنه قيل في بعض القصة: إن النبي - صَلَّى اللّه عَلَيهِ وَسَلَّمَ - شج يوم أُحد في وجهه، وكسرت رباعيته، فدعا عليهم؛ فنزل قوله: {لَيْسَ لَكَ مِنَ الْأَمْرِ شَيْءٌ} وقيل: إن سرية من أصحاب رسول اللّه - صَلَّى اللّه عَلَيهِ وَسَلَّمَ -، خرجوا إلى قتال المشركين يقاتلونهم حتى قتلوا جميعًا، فشق على النبي - صَلَّى اللّه عَلَيهِ وَسَلَّمَ - وأصحابه بقتلهم، فدعا عليهم باللعنة - يعني: على المشركين - أربعين يومًا في صلاة الغداة؛ فنزل قوله: {لَيْسَ لَكَ مِنَ الْأَمْرِ شَيْءٌ}. وعن ابن عمر - رَضِيَ اللّه عَنْهُ - أنه قال: قال النبي - صَلَّى اللّه عَلَيهِ وَسَلَّمَ - يوم أحد: " اللّهمَّ الْعَنْ أَبَا سُفْيان، اللّهمَّ الْعَنْ فُلانًا، حتى لعن نفرًا منهم " فنزل قوله: {لَيْسَ لَكَ مِنَ الْأَمْرِ شَيْءٌ. . .} الآية. وقيل: " إن نفرًا من المسلمين انهزموا، فشق ذلك على رسول اللّه - صَلَّى اللّه عَلَيهِ وَسَلَّمَ -، فنزل: {لَيْسَ لَكَ مِنَ الْأَمْرِ شَيْءٌ}، فأمره بكف الدعاء عنهم، واللّه أعلم بالقصة في ذلك. وقوله: {أَوْ يَتُوبَ عَلَيْهِمْ أَوْ يُعَذِّبَهُمْ}: فإن كانت القصة في الكفار فكأنه طلب التوبة والهدى، وأفرط في الشفقة فقال: {لَيْسَ لَكَ مِنَ الْأَمْرِ شَيْءٌ أَوْ يَتُوبَ عَلَيْهِمْ} فيهديهم لدينه، {أَوْ يُعَذِّبَهُمْ} على كفرهم؛ {فَإِنَّهُمْ ظَالِمُونَ}؛ كقوله: {إِنَّكَ لَا تَهْدِي مَنْ أَحْبَبْتَ وَلَكِنَّ اللّه يَهْدِي مَنْ يَشَاءُ}. فإن كان في المؤمنين فقوله: {يَتُوبَ عَلَيْهِمْ} عن ذنبهم الذي ارتكبوا، {أَوْ يُعَذِّبَهُمْ} بذنبهم، ولا يعفو عنهم، واللّه أعلم بذلك. |
﴿ ١٢٨ ﴾