١٣٧وقوله - عَزَّ وَجَلَّ -: {قَدْ خَلَتْ مِنْ قَبْلِكُمْ سُنَنٌ}. يحتمل أحكامًا، والأحكام تكون على وجهين: حكم يجب لهم، وهو الثواب عند الطاعة، واتباع الحق، وعذاب يحل بهم عند الخلاف والمعصية. ويحتمل " السنن ": الأحكام المشروعة. {فَسِيرُوا فِي الْأَرْضِ} حتى تروا آثار من كذب الرسل وما حلَّ بهم من العذاب؛ بالتكذيب. أو {فَسِيرُوا فِي الْأَرْضِ}: أي سلوا من يعلم ما الذي حل بهم حتى يخبروكم ما مضى من الهلاك في الأمم الخالية، فهذا تنبيه من اللّه - عَزَّ وَجَلَّ - إياهم أنكم إن كذبتم الرسول - فيحل بكم ما قد حل بمن قد كان قبلكم، وإن أطعتم الرسول - صَلَّى اللّه عَلَيهِ وَسَلَّمَ - فلكم من الثواب ما لهم، فاعتبروا به كيف كان جزاؤهم بالتكذيب. وما في القرآن مثل هذا فمعناه: لو سئلت لأخبروك. وقيل: {فَسِيرُوا فِي الْأَرْضِ}: أي: تفكروا في القرآن يخبركم عن الأمم الماضية؛ فكأنكم سرتم في الأرض، وما في القرآن مثل هذا - فمعناه: لو سألتَ لأخبروك؛ فإن فيه خبر من كان قبلكم من الأمم، وما لهم من الثواب بالتصديق والطاعة، وما عليهم من العقاب بالتكذيب، واللّه أعلم. وفي قوله - عَزَّ وَجَلَّ -: {قَدْ خَلَتْ مِنْ قَبْلِكُمْ سُنَنٌ} يحتمل في المكذبين بالرسل والمصدقين، {فَسِيرُوا فِي الْأَرْضِ} يحتمل: لو سرتم فيها لرأيتم آثارهم، ولعرفتم بذلك ما إليه ترجع عواقب الفريقين. ويحتمل: الأمر بالتأمل في آثارهم، والنظر في الأنباء عنهم؛ ليكون لهم به العبر، وعما هم عليه مزدجر. ويحتمل " السنن ": الموضوع من الأحكام، وبما به امتحن من قبلهم؛ ليعلموا أن الذي بلوا به ليس ببديع؛ بل على ذلك أمر من تقدمهم؛ كقوله. {قُلْ مَا كُنْتُ بِدْعًا مِنَ الرُّسُلِ}؛ وكقوله - عَزَّ وَجَلَّ -: {وَمَا مُحَمَّدٌ إِلَّا رَسُولٌ قَدْ خَلَتْ مِنْ قَبْلِهِ الرُّسُلُ}، واللّه أعلم. |
﴿ ١٣٧ ﴾