١٤٢

وقوله - عَزَّ وَجَلَّ -: (أَمْ حَسِبْتُمْ أَنْ تَدْخُلُوا الْجَنَّةَ (١٤٢)

قيل: بل حسبتم أن تدخلوا الجنة.

{وَلَمَّا يَعْلَمِ اللّه الَّذِينَ جَاهَدُوا مِنْكُمْ}.

قيل فيه بوجهين:

قيل: {وَلَمَّا يَعْلَمِ اللّه}: أي: ولم يعلم اللّه الذين جاهدوا منكم؛ أي: لم يجاهدوا.

وقيل: {وَلَمَّا يَعْلَمِ اللّه الَّذِينَ جَاهَدُوا مِنْكُمْ}، و " لما " بمعنى: " إلا يعلم "، بمعنى: لا تدخلون الجنة إلا أن يعلم اللّه الذين جاهدوا منكم؛ وهو كقوله - عَزَّ وَجَلَّ -: {إِنْ كُلُّ نَفْسٍ لَمَّا عَلَيْهَا حَافِظٌ}: من قرأ بالتشديد؛ فكان معناه:، إلا عليها حافظ "، ومن قرأ بالتخفيف؛ فمعناه: لَعَلَيها حافظ، و " ما " صلة.

وفي قوله - عَزَّ وَجَلَّ {أَمْ حَسِبْتُمْ أَنْ تَدْخُلُوا الْجَنَّةَ}، أي: ظننتم ذلك، {وَلَمَّا يَعْلَمِ اللّه الَّذِينَ جَاهَدُوا مِنْكُمْ}، وقال في موضع آخر: {أَوَلَمَّا أَصَابَتْكُمْ مُصِيبَةٌ} الآية.

بمعنى: ولم تجاهدوا، ولم يصبكم مثل الذي ذكر؛ ففي ذلك وعد أن يصيب أُولَئِكَ الذين خاطبهم به ما أصاب من تقدمهم، وأن اللّه قد يعلم أنهم يجاهدون قبل الموت؛ وعلى هذا قال قوم في تأويل قوله - عَزَّ وَجَلَّ -: {صَدَقُوا مَا عَاهَدُوا اللّه عَلَيْهِ}: أن يدخلوا الجنة إذا أصابهم مثل الذي أصاب من تقدمهم، واللّه أعلم. فيكون تأويل {لَمَّا}: ولم، والألف صلة.

وقيل: يحتمل بالتشديد منه: إلا؛ كما قيل في تأويل قوله - عَزَّ وَجَلَّ -: {إِنْ كُلُّ نَفْسٍ لَمَّا عَلَيْهَا حَافِظٌ} بالتشديد: " إلا عليها حافظ "؛ فيكون بمعنى الإضمار: لا تدخلوا إلا أن يعلم اللّه الذين جاهدوا منكم، وقد بينا ما في العلم في الحرف الأول على أنه له وجهان -أيضًا-:

أحدهما: أن اللّه لم يعلم بذلك، وهو العالم بكل شيء فلو كان: لكان يعلمه.

والثاني: أن يعلموا أن يكونوا لم يجاهدوا بعد، وسيجاهدون على ما بينا، واللّه أعلم.

﴿ ١٤٢