١٠

وقوله: (إِنَّ الَّذِينَ يَأْكُلُونَ أَمْوَالَ الْيَتَامَى ظُلْمًا إِنَّمَا يَأْكُلُونَ فِي بُطُونِهِمْ نَارًا وَسَيَصْلَوْنَ سَعِيرًا (١٠)

أي: استحلالاً، فإذا استحل كفر؛، فذلك الوعيد له.

وقيل: {ظُلْمًا}: أي: غصبًا.

والأكل: هو عبارة عن الأخذ؛ كقوله: {لَا تَأْكُلُوا الرِّبَا أَضْعَافًا مُضَاعَفَةً} إنما هو نهي عن أخذه، وكذلك قوله: {الَّذِينَ يَأْكُلُونَ الرِّبَا}،

وقوله: {وَذَرُوا مَا بَقِيَ مِنَ الرِّبَا} - إنما هو نهي عن قبض الربا؛ فعلى ذلك الأكل -في هذه الآية- عبارة عن الأخذ والاستحلال.

ومن حمل الآية على الغصب جعل الوعيد عليه، إلا أن يتوب؛ إذ للّه أن يعذب من شاء ممن ارتكب من عباده جرمًا، كما جعل الوعيد على المستحل إلا أن يتوب.

وقيل: إنه على التمثيل أن الذي يأكل من مال اليتيم كأنه يأكل نارًا؛ لخبثه ولشدته.

وعن قتادة قال: ذكر لنا أن رسول اللّه - صَلَّى اللّه عَلَيهِ وَسَلَّمَ - كان يقول: " اتقُوا اللّه في الضعِيفَين قيل: ومن هما يا رسول اللّه؟ قال: " اليَتيمُ والمرأة "؛ فإن اللّه أيتمه وأوصى به، وابتلاه وابتلى به.

وقيل في قوله: {فَلْيَتَّقُوا اللّه وَلْيَقُولُوا}: للميت إذا جلس إليه {قَوْلًا سَدِيدًا}، أي: عدلاً في وصيته ولا يجور، ومن عدل في وصيته عند موته، فكأنما وجه ماله في سبيل اللّه؛ فقال سعد بن أبي وقاص: فسئل النبي - صَلَّى اللّه عَلَيهِ وَسَلَّمَ -: كم يوصي الرجل من ماله؛ فقال: " الثلُث، والثلُث كَثير، لأَنْ تَدَع عِيالَكَ أَغْنياءَ خَيرٌ مِنْ أَنْ تَتْرُكَهم عالَةً يَتَكَفَّفُونَ الناسَ ". ثم قال رسول اللّه - صَلَّى اللّه عَلَيهِ وَسَلَّمَ -: " إنَّ اللّه - تعالى - تَصَدَّقَ عَلَيكُم بثُلُثِ أَمْوالِكم زِيَادةً في أَعْمَالِكم عِندَ وَفَاتِكُم ".

﴿ ١٠