٢٧

وقوله - عَزَّ وَجَلَّ -: (وَاللّه يُرِيدُ أَنْ يَتُوبَ عَلَيْكُمْ ... (٢٧)

قالت المعتزلة: قد أراد اللّه - تعالى - توبة من لا يتوب؛ فيقال لهم: ما التوبة

 عندكم؟ أليس عندكم التوبة: التجاوز والدعاء؟ فإذا وعد أن يتوب ولم يفعل - فهل ترك ذلك لا بعجز أو ذلك إلا لعجز أو بداء به، أو ذلك الوصف له بالعجز أو الجهل، فنعوذ باللّه من الزيغ عن الحق، والسرف في القول.

وأما تأويله عندنا: واللّه يريد أن يتوب عليكم في الذي علمه أنهم يتوبون، أو كان ذلك إخبارًا عن قوم أراد اللّه أن يتوب عليهم فتابوا.

وقال قوم: قوله: {وَاللّه يُرِيدُ أَنْ يَتُوبَ عَلَيْكُمْ} أي: يأمر أن يتوبوا، واللّه أعلم.

وقوله - عَزَّ وَجَلَّ -: {وَيُرِيدُ الَّذِينَ يَتَّبِعُونَ الشَّهَوَاتِ} الآية.

أي: من اختار الدنيا على الدِّين، والأولى على الآخرة؛ لهوى يتبعه، وشهوة تغلبه، لا لتقصير من اللّه - عَزَّ وَجَلَّ - عن البيان؛ بل لتركهم النظر والتأمل بالعواقب غلبت عليهم شهواتهم، واتبعوا أهواء أنفسهم: إما رياسة طلبوها، وإما سعة في الدنيا بغوها؛ فذلك الذي يمنعهم عن النظر في العاقبة، والتأمل في الآخرة؛ لذلك مالوا ميلا عظيمًا، وخسروا خسرانًا مبينًا، وضلوا ضلالاً بعيدًا.

﴿ ٢٧