٤٤وقوله - عَزَّ وَجَلَّ -: {أَلَمْ تَرَ إِلَى الَّذِينَ أُوتُوا نَصِيبًا} يقول: أعطوا حظًّا من علم الكتاب، وهم علماؤهم، يشترون الضلالة بعلم الكتاب. ويحتمل: يشترون الضلالة بالهدى، وكذلك قيل في حرف حفصة على ما ذكر في غير هذه الآية: {اشْتَرَوُا الضَّلَالَةَ بِالْهُدَى}، وذلك أنهم كانوا آمنوا بمُحَمَّد - صَلَّى اللّه عَلَيهِ وَسَلَّمَ - قبل أن يبعث، فلما لم يبعث على هواهم، كفروا به؛ كقوله - تعالى -: {وَكَانُوا مِنْ قَبْلُ يَسْتَفْتِحُونَ عَلَى الَّذِينَ كَفَرُوا فَلَمَّا جَاءَهُمْ مَا عَرَفُوا كَفَرُوا بِهِ}. ويحتمل: يشترون ضلالة غيرهم بالتحريف، والرشاء، ونحو ذلك؛ كقوله - تعالى -: {إِنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا يُنْفِقُونَ أَمْوَالَهُمْ لِيَصُدُّوا عَنْ سَبِيلِ اللّه}، وقوله: {اتَّبِعُوا سَبِيلَنَا}. {أَلَمْ تَرَ} حرف التعجب عن أمر قد بلغه؛ فيخرج مخرج التذكير، أو لم يبلغه؛ فيخرج مخرج التعليم، واللّه أعلم. وقوله - عَزَّ وَجَلَّ -: {وَيُرِيدُونَ أَنْ تَضِلُّوا السَّبِيلَ} يحتمل وجهين: {وَيُرِيدُونَ} أي: يتمنون أن تضلوا السبيل؛ لتدوم لهم الرياسة والسياسة؛ إذ كانت لهم الرياسة على من كان على دينهم، ولم يكن لهم ذلك على من لم يكن على دينهم؛ فتمنوا أن يكونوا على دينهم؛ لتكون لهم الرياسة عليهم. وقيل: {وَيُرِيدُونَ أَنْ تَضِلُّوا السَّبِيلَ} أي: يأمرونهم ويدعونهم إلى دينهم؛ لما ذكرنا من طلب المنافع، وإبقاء الرياسة، واللّه أعلم. |
﴿ ٤٤ ﴾