٩١

ثم قال: (سَتَجِدُونَ آخَرِينَ يُرِيدُونَ أَنْ يَأْمَنُوكُمْ وَيَأْمَنُوا قَوْمَهُمْ ... (٩١)

قيل: كان رجال تكلموا بالإسلام متعوذين؛ ليأمنوا في المسلمين إذا لقوهم، ويأمنوا

في قومهم بكفرهم؛ فأمر اللّه بقتالهم، إلا أن يعتزلوا عن قتالهم.

وقيل: قوله - تعالى -: {سَتَجِدُونَ آخَرِينَ} غيرهم ممن لا يفي لكم ما كان بينكم وبينهم من العهد

{يُرِيدُونَ أَنْ يَأْمَنُوكُمْ} يقول: يريدون أن يأمنوا فيكم؛ فلا تتعرضوا لهم، ويأمنوا في قومهم بكفرهم؛ فلا يتعرضوا لهم.

ثم أخبر - عَزَّ وَجَلَّ - عن صنيعهم وحالهم، فقال:

{كُلَّ مَا رُدُّوا إِلَى الْفِتْنَةِ}

يعني: الشرك.

{أُرْكِسُوا فِيهَا}

أي: كلما دُعوا إلى الشرك فرجعوا فيها، فهَؤُلَاءِ أمر اللّه رسوله - صَلَّى اللّه عَلَيهِ وَسَلَّمَ - بقتالهم، وعرفه صفتهم، إن لم يعتزلوا ولم يكفوا أيديهم عن قتالكم.

{فَخُذُوهُمْ وَاقْتُلُوهُمْ حَيْثُ ثَقِفْتُمُوهُمْ وَأُولَئِكُمْ جَعَلْنَا لَكُمْ عَلَيْهِمْ سُلْطَانًا مُبِينًا}

أي: جعلنا لكم عليهم سلطان القتل وحجته.

وفي حرف ابن مسعود - رَضِيَ اللّه عَنْهُ -: " ويكفوا أيديكم عن أن يقاتلوكم "

وفي حرفه: " ركسوا فيها ".

وفي حرف حفصة: " ركسوا فيها "

وفي حرفها: " أن يقاتلوكم ويقاتلوا قومهم ".

ثم يحتمل نسخ هذه الآية بقوله: {وَقَاتِلُوا فِي سَبِيلِ اللّه الَّذِينَ يُقَاتِلُونَكُمْ}.

وقوله - تعالى -: {فَإِنْ لَمْ يَعْتَزِلُوكُمْ وَيُلْقُوا إِلَيْكُمُ السَّلَمَ} بقوله - عَزَّ وَجَلَّ -: {فَاقْتُلُوا الْمُشْرِكِينَ حَيْثُ وَجَدْتُمُوهُمْ}؛ لأن الفرض في القتال أول ما كان فرض أنه يقاتل من قاتلنا وبدأنا، ثم إن اللّه - تعالى - قال: {فَاقْتُلُوا الْمُشْرِكِينَ حَيْثُ وَجَدْتُمُوهُمْ وَخُذُوهُمْ وَاحْصُرُوهُمْ}.

﴿ ٩١