١٠٠

وقوله - عَزَّ وَجَلَّ -: {وَمَنْ يُهَاجِرْ فِي سَبِيلِ اللّه يَجِدْ فِي الْأَرْضِ مُرَاغَمًا كَثِيرًا وَسَعَةً}

قيل: المراغم: المذهب والملجأ، وسعة في الرزق، أي: يجد في الأرض، وفي غير الأرض التي هم فيها - ما ذكر.

وقيل: المراغم: المتزحزح، أي: يجد متزحزحًا عما يكره وبراحًا.

وعن ابن عَبَّاسٍ - رَضِيَ اللّه عَنْهُ - قال: المراغم: التحول من أرض إلى أرض، والسعة في الرزق.

وقيل: من الضلالة إلى الهدى، ومن العيلة إلى الغنى.

وقيل: المراغم: المهرب.

وقيل: لما نزلت هذه الآية سمعها رجل وهو شيخ كبير -وقيل: إنه مريض- فقال: واللّه ما أنا ممن استثنى اللّه؛ وإني لأجد حيلة، واللّه لا أبيت الليلة بمكة؛ فخرجوا به يحملونه حتى أتوا به التنعيم، فأدركه الموت بها؛ فصفق يمينه على شماله، ثم قال: اللّهمَّ

 هذه لك وهذه لرسولك، أبايعك على ما بايعت عليه رسولك. ومات؛ فنزل فيه: {وَمَنْ يَخْرُجْ مِنْ بَيْتِهِ مُهَاجِرًا إِلَى اللّه وَرَسُولِهِ ثُمَّ يُدْرِكْهُ الْمَوْتُ فَقَدْ وَقَعَ أَجْرُهُ عَلَى اللّه} أي: وجب أجره.

وقيل: إنه لما سمع الرجل أن الملائكة ضربت وجوه أُولَئِكَ وأدبارهم، وقد أدنف للموت؛ فقال: أخرجوني؛ فاحتمل بينه وبين النبي - صَلَّى اللّه عَلَيهِ وَسَلَّمَ -، فلما انتهي إلى عقبة، فتوفي بها؛ فأنزل اللّه هذه الآية، واللّه أعلم بذلك.

وفي قوله: {إِلَّا الْمُسْتَضْعَفِينَ مِنَ الرِّجَالِ وَالنِّسَاءِ وَالْوِلْدَانِ} - دلالة أن إسلام الولدان إذا عقلوا إسلامهم - إسلام، وكفرهم كفر؛ لأنه تعالى استثناهم وعذرهم في ترك الهجرة؛ فلو لم يكن إسلامهم إسلامًا، ولا كفرهم كفرًا - لكان مقامهم هنالك وخروجهم منها سواءً، ولا معنى للاستثناء في ذلك؛ إذا لم يكن عليهم خروج، واللّه أعلم.

﴿ ١٠٠