٨

وقوله - عَزَّ وَجَلَّ -: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا كُونُوا قَوَّامِينَ للّه شُهَدَاءَ بِالْقِسْطِ. . .} الآية يحتمل أن تكون الآية في الشهادة نفسها؛ كأنه قال: أن قوموا شهداء للّه، واجعلوا الشهادة له، فإذا فعلوا هكذا لا يمنعهم بغض أحد وعداوته، ولا رضا أحد وولايته - القيام بها. ندبهم اللّه أن يقوموا في الشهادة للّه والحكم له: يحكم للعدو كما يحكم للولي، ويقوم في الشهادة للعدو كما يقوم للولي، واللّه أعلم.

ويحتمل أن يكون في بيان الحق والحجج وتعليم الأحكام والشرائع؛ كأنه يقول - واللّه أعلم -: قوموا في بيان الحجج والحق وتعليم الأحكام للّه، لا يمنعكم بغض قوم ولا رضاهم على ألا تبينوا الحق لهم، ولا تعلموا الحجج والأحكام لهم.

وعن ابن عَبَّاسٍ - رَضِيَ اللّه عَنْهُ - قال: {وَلَا يَجْرِمَنَّكُمْ}، أي: لا يحملنكم {شَنَئَانُ قَوْمٍ}، أي: بغض قوم {عَلَى أَلَّا تَعْدِلُوا} فيهم؛ فإنما العدل للّه في الرضا والسخط، {اعْدِلُوا}، يقول: قولوا العدل بالحق؛ فإنه أقرب للتقوى.

وقوله - عَزَّ وَجَلَّ -: {اعْدِلُوا هُوَ أَقْرَبُ لِلتَّقْوَى}

أي: اعدلوا هو التقوى؛ كقوله - تعالى -: {إِنَّ رَحْمَتَ اللّه قَرِيبٌ مِنَ الْمُحْسِنِينَ} أي: رحمة اللّه للمحسنين؛ لأن العدل ليس إلا التقوى.

{وَاتَّقُوا اللّه}

في ترك ما أمركم به، وارتكاب ما نهاكم عنه.

{إِنَّ اللّه خَبِيرٌ بِمَا تَعْمَلُونَ}

 وتضمرون من العدل والجور، خرج على الوعيد.

﴿ ٨