١١وقوله - عَزَّ وَجَلَّ -: (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اذْكُرُوا نِعْمَتَ اللّه عَلَيْكُمْ إِذْ هَمَّ قَوْمٌ أَنْ يَبْسُطُوا إِلَيْكُمْ أَيْدِيَهُمْ فَكَفَّ أَيْدِيَهُمْ عَنْكُمْ ... (١١) يحتمل أن تكون هذه المنة التي ذكر اللّه - تعالى - في هذه الآية من كف أيدي الأعداء عنهم، بعدما بسطوا إليهم أيديهم في جملة المؤمنين؛ لأن المؤمنين كانوا في ابتداء الأمر مختفين فيما بين الكفرة، لا يقدرون على إظهار الإسلام وإعلانه، وقد هموا قتل المؤمنين غير مرة، وفيما كف أيديهم عنهم منة عظيمة علينا وعليهم وعلى جميع المسلمين. ويحتمل أن يكون في قوم خاص قد أحاطوا بهم، وبسطوا أيديهم إليهم، وهموا بقتلهم؛ فكف اللّه - عَزَّ وَجَلَّ - بفضله أيديهم عنهم، وأنقذهم من أيديهم. ثم اختلف فيه: عن ابن عَبَّاسٍ - رضي اللّه عنه - قال: " هَمَّ بنو قريظة أن يبسطوا إليهم أيديهم بالقتل؛ فكفَّ اللّه - تعالى - أيديهم عنهم بالمنع ". وقيل: نزلت في اليهود: دخل النبي - صَلَّى اللّه عَلَيهِ وَسَلَّمَ - حائطا لهم في النخل، وأصحابه وراء الجدار، واستعانهم في مغرم دية غرمها، ثم قام من عندهم، فائتمروا بينهم بقتله، فخرج يمشي القهقرى معترضًا ينظر من خيفتهم، ثم دعا أصحابه إليه رجلًا رجلًا، حتى تناهوا إليه. فلا ندري كيفما كانت القصة؟ وليس لنا إلى معرفة القصة حاجة بعد أن نعرف منَّة اللّه - تعالى - التي منَّ علينا بكف الأعداء عنهم، ونشكر له على ذلك. وفي هذه الآية دلالة إثبات رسالة مُحَمَّد - صَلَّى اللّه عَلَيهِ وَسَلَّمَ -؛ لأنه أخبر عما كان منهم من غير أن يشهد ذلك؛ ليعلم أنه باللّه علم. وقوله - عَزَّ وَجَلَّ -: {وَعَلَى اللّه فَلْيَتَوَكَّلِ الْمُؤْمِنُونَ} أي: على اللّه يكل المؤمن في كل أمره، وبه يثق. * * * |
﴿ ١١ ﴾