٢١

وقوله - عَزَّ وَجَلَّ -: (يَا قَوْمِ ادْخُلُوا الْأَرْضَ الْمُقَدَّسَةَ الَّتِي كَتَبَ اللّه لَكُمْ ... (٢١)

وقيل: قوله: {كَتَبَ اللّه لَكُمْ}، أي: كتب اللّه عليكم قتال أهل تلك الأرض؛

ليسلموا، وهو كقوله: {وَقَاتِلُوهُمْ حَتَّى لَا تَكُونَ فِتْنَةٌ}، يعني: الكفر؛ فعلى ذلك قوله - تعالى -: {ادْخُلُوا الْأَرْضَ الْمُقَدَّسَةَ الَّتِي كَتَبَ اللّه لَكُمْ} قتال أهلها؛ ليسلموا، واللّه أعلم.

وقوله - عَزَّ وَجَلَّ -: {لَكُمْ}، أي: عليكم، وهذا جائز في اللغة؛ كقوله: {وَإِن أَسَأْتُمْ فَلَهَا}، أي: فعليها.

وقيل: قوله: {ادْخُلُوا الْأَرْضَ الْمُقَدَّسَةَ الَّتِي كَتَبَ اللّه لَكُمْ} فَتْحَهَا، إن أطعتم أمر اللّه فيما أمركم به، وانتهيتم عما نهاكم عنه، وأجبتم رسوله إلى ما دعاكم إليه، أي: إذا فعلتم ذلك يفتح اللّه تلك الأرض، واللّه أعلم.

وقوله - عَزَّ وَجَلَّ -: {الْأَرْضَ الْمُقَدَّسَةَ}، قيل: هي الشام، وقيل: غيرها، ثم سماها مرة مقدسة، ومرة: مباركة، وهو كقوله: {إِلَى الْمَسْجِدِ الْأَقْصَا الَّذِي بَارَكْنَا حَوْلَهُ}، ثم يحتمل قوله: {بَارَكْنَا حَوْلَهُ} بكثرة الثمار والفواكه، وسعة عيشها، وكثرة ريعها. ويحتمل: أن سماها مباركة؛ لما كانت معدن العباد والزهاد ومنزهة عن الشرك وجميع الفواحش والمناكير، واللّه أعلم.

وقوله - عَزَّ وَجَلَّ -: {وَلَا تَرْتَدُّوا عَلَى أَدْبَارِكُمْ}

هذا - واللّه أعلم - كناية عن الرجوع عن الدِّين؛ وهو كقوله - تعالى -: {وَمَنْ يَنْقَلِبْ عَلَى عَقِبَيْهِ فَلَنْ يَضُرَّ اللّه شَيْئًا}، وإنما صار ذلك كناية عن الرجوع عن الدِّين - واللّه أعلم - لما ذكرنا في أحد التأويلين: أنه كتب عليهم قتال أهل تلك الأرض، فتركوا أمر اللّه وطاعته.

ويحتمل: أن وعد اللّه لهم فتح تلك الأرض، فلم يصدقوا رسوله فيما أخبر عن اللّه من الفتح لهم؛ فكفروا بذلك.

وقوله - عَزَّ وَجَلَّ -: {فَتَنْقَلِبُوا خَاسِرِينَ}

يحتمل: أن يكون ذلك لهم في الآخرة، ويحتمل: في الدنيا منهزمين.

ويحتمل قوله - تعالى -: {وَلَا تَرْتَدُّوا عَلَى أَدْبَارِكُمْ}

أي: لا ترجعوا وراءكم، ولكن ادخلوها.

﴿ ٢١