٢٦وقوله - عَزَّ وَجَلَّ -: (قَالَ فَإِنَّهَا مُحَرَّمَةٌ عَلَيْهِمْ أَرْبَعِينَ سَنَةً ... (٢٦) قوله تعالى: {مُحَرَّمَةٌ عَلَيْهِمْ}: من الحرمان والمنع، هو - واللّه أعلم - ليس على التحريم؛ كقوله - تعالى -: {وَحَرَّمْنَا عَلَيْهِ الْمَرَاضِعَ مِنْ قَبْلُ} ليس هو من التحريم الذي هو تحريم حكم، ولكن من المنع والحرمان؛ فعلى ذلك الأول، واللّه أعلم. وقال قائلون: محرمة عليهم أبدًا لم يدخلوها حتى ماتوا، لكن ولد لهم أولاد؛ فلما ماتوا هم دخل أولادهم؛ لأنهم قالوا: {لَنْ نَدْخُلَهَا أَبَدًا}. وقال قائلون: قوله تعالى: {مُحَرَّمَةٌ عَلَيْهِمْ}: أي: التوبة محرمة عليهم، لن يتوبوا أبدًا، واللّه أعلم. وقوله - عَزَّ وَجَلَّ -: {أَرْبَعِينَ سَنَةً يَتِيهُونَ فِي الْأَرْضِ}: فالمدة هاهنا للتيه - واللّه أعلم - لا لقوله تعالى: {مُحَرَّمَةٌ عَلَيْهِمْ}. ثم اختلف في التيه: قال قائلون: لم يكن موسى وهارون - عليهما السلام - معهم في التيه؛ لأن ذلك لهم من اللّه كان عقوبة، ولا يحتمل أن يكون اللّه - عَزَّ وَجَلَّ - يعذب رسوله بذنب قومه؛ لأنه لم يعذب قومًا بتكذيب الرسول قط إلا من بعد ما أخرج الرسول من بين أظهرهم؛ فعلى ذلك لا يحتمل أن يكون موسى يعذب بعصيان قومه، واللّه أعلم. وقال آخرون: كان موسى معهم في تلك الأرض مقيمًا فيها، ولكن الحيرة والتيه كانت لقومه، قيل: كانوا يرتحلون ثم ينزلون من حيث أصبحوا أربعين سنة، وكان ماؤهم في الحجر الذي كان مع موسى - عليه السلام - فكان إذا نزل ضربه موسى بعصاه، {فَانْفَجَرَتْ مِنْهُ اثْنَتَا عَشْرَةَ عَيْنًا}، لكل سبط عين، ولم يكن حل بموسى مما كان حل بقومه قليل ولا كثير؛ إنما أمر بالمقام فيها؛ فأقام من غير أن كان به حيرة. * * * |
﴿ ٢٦ ﴾