٢٩

وقوله - عَزَّ وَجَلَّ -: (إِنِّي أُرِيدُ أَنْ تَبُوءَ بِإِثْمِي وَإِثْمِكَ ... (٢٩) أن ترجع بإثمي بقتلك إياي، وإثمك الذي عملته قبل قتلي.

قَالَ الْقُتَبِيُّ: {بِإِثْمِي}: أن تقتلني، {وَإِثْمِكَ}: ما أضمرت في نفسك من الحسد والعداوة.

وقال الحسن: ترجع {بِإِثْمِي} بقتلك إياي، {وَإِثْمِكَ} يعني: الكفر الذي كان عليه؛ لأنه يقول: كان أحدهما كافرًا فقتل صاحبه؛ فيرجع بالكفر، واللّه أعلم.

وقوله - تعالى -: {إِنِّي أُرِيدُ أَنْ تَبُوءَ بِإِثْمِي وَإِثْمِكَ}: يجوز أن يتكلم بالإرادة على غير تحقيق الفعل؛ كقول القائل: أريد أن أسقط من السطح، وهو لا يريد سقوطه منه؛ وكقوله: {فَوَجَدَا فِيهَا جِدَارًا يُرِيدُ أَنْ يَنْقَضَّ فَأَقَامَهُ} والجدار لا فعل له، فإذا جاز إضافة الإرادة إلى من لا فعل يكون منه؛ دل أنه ليس على حقيقة الفعل، ولكن على ما يقع أنه يكون كذلك، ويئول أمره إلى ذلك.

أو أراد أن يبوء بإثمه لما علم منه أنه يقتله لا محالة، ويعصي ربه، أراد أن يبوء بإثمه؛ وذلك جائز، واللّه أعلم.

﴿ ٢٩