٣

وقوله - عَزَّ وَجَلَّ -: (وَهُوَ اللّه فِي السَّمَاوَاتِ وَفِي الْأَرْضِ ... (٣) هذا - واللّه أعلم - صلة قوله: {الْحَمْدُ للّه الَّذِي خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ} فإذا كان خالقهما لم يَشْرَكْهُ أحد في خلقهما، كان إله من في السماوات وإله من في الأرض لم يَشْرَكْهُ أحد في ألوهيته، ولا في ربوبيته.

ويحتمل قوله: {وَهُوَ اللّه فِي السَّمَاوَاتِ وَفِي الْأَرْضِ} أي: إلى اللّه تدبير، ما في السماوات وما في الأرض، وحفظهما إليه؛ لأنه هو المتفرد بخلق ذلك كله؛ فإليه حفظ ذلك وتدبيره.

وقوله: {يَعْلَمُ سِرَّكُمْ وَجَهْرَكُمْ} اختلف فيه.

قيل: {يَعْلَمُ سِرَّكُمْ}: ما تضمرون في القلوب {وَجَهْرَكُم}: ما تنطقون، {وَيَعْلَمُ مَا تكسِبُونَ}: من الأفعال التي عملت الجوارح؛ أخبر أنه يعلم ذلك كله؛ ليعلموا أن ذلك كله يحصيه ليحاسبهم على ذلك؛ كقوله: {وَإِنْ تُبْدُوا مَا فِي أَنْفُسِكُمْ أَوْ تُخْفُوهُ يُحَاسِبْكُمْ بِهِ اللّه}، أخبر أنه يحاسبهم بما أبدوه وما أخفوه، فعلى ذلك الأول قد أفاد أن ذلك كله يحصيه عليهم، ويحاسبهم في ذلك؛ ليكونوا على حذر من ذلك وخوف. وقيل: {يَعْلَمُ سِرَّكُم}: ما خلق فيهم من الأسرار، من نحو السمع، والبصر وغيرهما؛ لأن البشر لا يعرفون ماهية هذه الأشياء وكيفيتها، ولا يرون ذلك كما يرون غيرها من الأشياء، ولا يعرفون حقائقها؛ أخبر أنه يعلم ذلك وأنتم لا تعلمون.

وقوله - عَزَّ وَجَلَّ -: {وَجَهْرَكُم} أي: الظواهر منكم، {وَيَعْلَمُ مَا تكسِبُونَ}: من الأفعال والأقوال.

﴿ ٣