٢٣

وقوله - عَزَّ وَجَلَّ -: (ثُمَّ لَمْ تَكُنْ فِتْنَتُهُمْ إِلَّا أَنْ قَالُوا وَاللّه رَبِّنَا مَا كُنَّا مُشْرِكِينَ (٢٣)

قال الحسن: الآية نزلت في المنافقين، وذلك أنهم كانوا يكذبون في الدنيا فيما بينهم، فظنوا أن يتروج كذبهم في الآخرة كما كان يتروج في الدنيا، وسماهم مشركين؛ لأنهم كانوا مشركين لأنهم أشركوا في السر، فقالوا: {وَاللّه رَبِّنَا مَا كُنَّا مُشْرِكِينَ}.

وقال غيره من أهل التأويل: الآية نزلت في أهل الشرك من العرب؛ وذلك أنهم كانوا يشركون مع اللّه آلهة، وكانوا ينكرون البعث بعد الموت، وينكرون الرسالة، فلما أن عاينوا ذلك أنكروا أن يكونوا أشركوا غيره في ألوهيته وربوبيته.

وقوله - تعالى -: {ثُمَّ لَمْ تَكُنْ فِتْنَتُهُمْ إِلَّا أَنْ قَالُوا}.

أي: لم يكن افتتانهم في الدنيا بافترائهم على اللّه الكذب وإشراك غيره معه، وتكذيبهم آيات اللّه، إلا أن قالوا في الآخرة: {وَاللّه رَبِّنَا مَا كُنَّا مُشْرِكِينَ}.

وذكر في بعض القصة أن المشركين في الآخرة لما رأوا كيف يتجاوز اللّه عن

 أهل التوحيد، قَالَ بَعْضُهُمْ لبعض: إذا سئلنا فقولوا: إنا كنا موحدين، فلما جمعهم اللّه وشركاءهم فقال: {أَيْنَ شُرَكَاؤُكُمُ الَّذِينَ كُنْتُمْ تَزْعُمُونَ} في الدنيا بأنهم معي شريك.

قوله تعالى: {ثُمَّ لَمْ تَكُنْ فِتْنَتُهُمْ}.

قال أهل التأويل: معذرتهم وجوابهم إلا الكذب حين سئلوا ففالوا: {وَاللّه رَبِّنَا مَا كُنَّا مُشْرِكِينَ} تبرءوا من ذلك.

﴿ ٢٣