٨٠(وَحَاجَّهُ قَوْمُهُ ... (٨٠) ذكر محاجة قومه ولم يبين فيما حاجوه، لكن في الجواب بيان أن المحاجة فيما كانت، وهو قوله: {قَالَ أَتُحَاجُّونِّي فِي اللّه}. ثم تحتمل المحاجة في اللّه: في توحيد اللّه ودينه. وتحتمل في اتباع أمر اللّه وطاعته. وذكر في بعض القصة عن ابن عَبَّاسٍ - رَضِيَ اللّه عَنْهُ - قال: {وَحَاجَّهُ قَوْمُهُ}: في آلهتهم وخوفوه بها، وقالوا: إنا نخاف آلهتنا، وأنت تشتمها ولا تعبدها، أن تخبلك وتفسدك. وذلك محتمل؛ وهو كقول قوم هود لهود - عليه السلام - {إِنْ نَقُولُ إِلَّا اعْتَرَاكَ بَعْضُ آلِهَتِنَا بِسُوءٍ}. ثم قال لهم إبراهيم - عليه السلام -: لما لا تخافون أنتم منها؟. قالوا: كيف نخاف ونحن نعبدها؟! قال: لأنكم تسوون بين الصغير والكبير، والذكر والأنثى، أما تخافون الكبير إذ سويتموه بالصغير، وما تخافون الذكر إذ سويتموه بالأنثى؟! ويحتمل أنهم خوفوه باللّه بترك عبادة آلهتهم، لما كانوا يقولون: {مَا نَعْبُدُهُمْ إِلَّا لِيُقَرِّبُونَا إِلَى اللّه زُلْفَى}، ويقولون: {هَؤُلَاءِ شُفَعَاؤُنَا عِنْدَ اللّه}، فخوفوا إبراهيم باللّه بترك عبادتهم لما كان عندهم أن عبادتهم إياها تقربهم إلى اللّه زلفى وترك العبادة لها يبعدهم، فقال: {وَقَدْ هَدَانِ وَلَا أَخَافُ مَا تُشْرِكُونَ بِهِ} وقد هداني، ولا أخاف مما تشركون به. ويحتمل قوله: {وَقَدْ هَدَانِ} أما ذكرنا في قوله {أَتُحَاجُّونِّي فِي اللّه وَقَدْ هَدَانِ}، الدِّين والتوحيد وهداني طاعته والاتباع لأمره فقال: كيف أخاف وقد هداني. وقوله - عَزَّ وَجَلَّ -: {إِلَّا أَنْ يَشَاءَ رَبِّي شَيْئًا} هذا يحتمل وجهين. الأول: يحتمل لا أخاف إلا إن عصيت ربي شيئًا، فعند ذلك أخاف، وأما إذا هداني ربي فإني لا أخاف بتركي عبادتهم. والثاني: {إِلَّا أَنْ يَشَاءَ رَبِّي} إلا أن يبتليني ربي بشيء من المعصية، فعند ذلك أكون في مشيئته إن شاء عذبني، وإن شاء لم يعذبني. وقوله - عَزَّ وَجَلَّ -: {وَسِعَ رَبِّي كُلَّ شَيْءٍ عِلْمًا}. أي: علم ذلك كله عنده عصيت أو أطعت. |
﴿ ٨٠ ﴾