٨٤

قوله - عَزَّ وَجَلَّ -: {وَوَهَبْنَا لَهُ إِسْحَاقَ وَيَعْقُوبَ}.

يحتمل ما ذكرنا من رفع الدرجات ما ذكر من هبة هَؤُلَاءِ.

وفيه دليل أن ما يكون له من الفضل في هبة أولاده يكون ذلك في أولاد أولاده.

وقوله - عَزَّ وَجَلَّ -: {كُلًّا هَدَيْنَا وَنُوحًا هَدَيْنَا مِنْ قَبْلُ}:

الهداية هدايتان: هداية إصابة الحق، وهداية العلم بالحق، وهي هداية البيان، فهذه الهداية مما يشترك فيها المسلم والكافر جميعًا.

وأما هداية إصابة الحق: فهي خاصة للرسل والأنبياء والمسلمين جميعًا.

والهداية - هاهنا - هي إصابة الحق لا العلم بالحق؛ لأنهم اشتركوا جميعًا في العلم بالحق: الكافر والمسلم.

{وَمِنْ ذُرِّيَّتِهِ دَاوُودَ}: ذرية إبراهيم.

وقيل: ذرية نوح كانوا جميعًا من ذرية نوح وإبراهيم ومن ذكر من الرسل.

وقوله - عَزَّ وَجَلَّ -: {وَكَذَلِكَ نَجْزِي الْمُحْسِنِينَ}.

 أي: كذلك نجزي المحسنين، بالذكر والشرف والثناء الحسن إلى يوم القيامة؛ كما جزى هَؤُلَاءِ الرسل بالذكر والشرف والثناء الحسن في ملأ الناس.

ويحتمل أن يذكروا في ملأ الملائكة؛ كما ذكروا في ملأ الخلق في الأرض.

ويحتمل: {وَكَذَلِكَ نَجْزِي الْمُحْسِنِينَ} وفي الآخرة بالثواب ورفع الدرجات والجزاء الجزيل، ثم ذكر في فريق: أنه {كذَلِكَ نجَرى الْمُحْسِنِينَ}، وذكر في فريق آخر: {كُلٌّ مِنَ الصَّالِحِينَ}، وذكر في فريق: {وَكُلًّا فَضَّلْنَا عَلَى الْعَالَمِينَ}، وهذا - واللّه أعلم - ليس على تخصيص كل فريق بما ذكر من الذكر، ولكن على الجمع أنهم محسنون صالحون مفضلون على العالمين.

ثم يحتمل التفضيل لهم بالنبوة: أنهم فضلوا على العالمين بالنبوة.

ويحتمل: أنهم كانوا مفضلين على العالمين بالإحسان والصلاح، لو لم يكن لهم رسالة ولا نبوة.

ثم يحتمل أنه سماهم محسنين باختيارهم الحال التي كانوا أهلا للرسالة والنبوة، فإن كان هذا فهم الرسل خاصة.

ويحتمل: محسنين باختيارهم الهداية وإصابة الحق، فإن كان هذا فهو مما يشترك الأنبياء وأهل الإسلام فيه.

﴿ ٨٤