سُورَةُ الْأَعْرَافِ

قيل إنها مكية

بسم اللّه الرحمن الرحيم

قوله تعالى: (بِسْمِ اللّه الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ

١

 المص (١) الحمد للّه العليم بخلقه، اللطيف لرشد عباده، ضرب لهم الآيات والبيان؛ لينقلهم بحكمته وتدبيره من الجهالة إلى العلم، ومن الضلالة إلى الهدى، ووصى رسوله أن يدعو عباده إلى سبيله بالحكمة والموعظة الحسنة، فبعث محمدًا - صَلَّى اللّه عَلَيهِ وَسَلَّمَ - إلى الناس كافة، وأنزل إليه الكتاب تلا فيه ما في الكتب الأولى؛ ليبين لأهل الكتاب والمشركين أن النبي الأمي العربي لم يعلم ما في الكتب الأعجمية إلا من عند اللّه؛ ليكون ذلك أوضح لهم في الحجة.

وكان رسول اللّه - صَلَّى اللّه عَلَيهِ وَسَلَّمَ - قبل الرسالة معروفًا عند الفريقين أنه لم يتل كتابًا، ولا خطَّه

بيمينه، ولا كان عندهم من شعرائهم، ولا المعروف بأنسابهم وعلم أنبيائهم؛

وذلك أبلغ في البرهان، فأنبأ فيه علم الغيوب، وفرض الفرائض، وحكم فيه الأحكام، وأنزل فيه الحجج بتأليف يعجز عنه من دون اللّه؛ ليبين لهم أنه من عند اللّه، فأنف قومه، وأبوا أن يستمعوه واستكبروا عليه، وقالوا: {لَوْلَا نُزِّلَ هَذَا الْقُرْآنُ عَلَى رَجُلٍ مِنَ الْقَرْيَتَيْنِ عَظِيمٍ}، وقالوا: {لَا تَسْمَعُوا لِهَذَا الْقُرْآنِ وَالْغَوْا فِيهِ لَعَلَّكُمْ تَغْلِبُونَ} فأتاهم العليم الخبير من قبل أنفسهم وكبرهم؛ فأنزل في الكتاب كلامًا افتتح به السورة لم يكن من كلام قومه؛ فلما سمعوه ظنوا أنه بديع ابتدعه مُحَمَّد - صَلَّى اللّه عَلَيهِ وَسَلَّمَ - كإبداعهم البلاغات والأوابد، وأنفوا أن يكون مُحَمَّد يقدر من ذلك على ما لا يقدرون، فتدبروا الكتاب ليعلموا صدوره بما بعده من الكلام، فسمعوا كلامًا مجيدًا حكيمًا، ونبأ عظيما، وحججًا نيرة، ومواعظ شافية؛ فدخل أكثرهم في الإسلام، وقعد عنه رجلان: معاندٌ متعمد، وجاهل مقلد لا ينظر، وفيما

 أنزل مما وصف قوله: (كهيعص)، و (طسم) و (المص)، و (الر) وما أشبهها.

فقال: (المص).

ليعطف بها على النظر فيما بعدها.

﴿ ١