٤٥

وقوله - عَزَّ وَجَلَّ -: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذَا لَقِيتُمْ فِئَةً فَاثْبُتُوا}.

قيل: الفئة: اسم جماعة ينحاز إليها، وهو من الفيء والرجوع، يفيئون إليها ويرجعون.

ذكر - هاهنا - الفئة، أوذكر في الآية التي تقدمت الزحف، وهو قوله: {إِذَا لَقِيتُمُ الَّذِينَ كَفَرُوا زَحْفًا} مكان الفئة، ونهى أُولَئِكَ عن تولية الأدبار بقوله: {فَلَا تُوَلُّوهُمُ الْأَدْبَارَ}، وقال هاهنا: {فَاثْبُتُوا}؛ ليعلم أن في النهي عن تولية الأدبار أمر بالثبات، وفي الأمر بالثبات نهي عن تولية الأدبار، فيكون في النهي عن الشيء أمر بضده، والأمر بالشيء نهي عن ضده، واللّه أعلم.

 وقوله - عَزَّ وَجَلَّ -: {وَاذْكُرُوا اللّه كَثِيرًا}.

قال أبو بكر الكيساني: قوله: {وَاذْكُرُوا اللّه}: فيما تعبدكم من طاعته، ووعدكم من نصره، ولا تنظروا إلى الكثرة فتظفروا.

ويحتمل قوله: {وَاذْكُرُوا اللّه} فيما لكم من أنفسكم وأموالكم، أي: إن أنفسكم وأموالكم له، إن شاء أخذها منكم بوجه تتقربون به إلى اللّه، فاذكروا اللّه على ذلك، وهو ما ذكر في قوله: {إِنَّ اللّه اشْتَرَى مِنَ الْمُؤْمِنِينَ أَنْفُسَهُمْ وَأَمْوَالَهُمْ. . .} الآية.

ويحتمل: اذكروا اللّه كثيرًا في النعم التي أنعمها عليكم.

أو يقول: اذكروا المقام بين يدي رب العالمين، وذلك بالذي يمنعكم من المعاصي والخلاف لأمره، وبعض ما يرغبكم في طاعته؛ فيكون على هذا التأويل الأمر بذكر الأحوال.

ويحتمل الأمر بذكر اللّه باللسان، وذلك بعض ما يستعان به في أمر الحرب {لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ} لكي تفلحوا، بالنصر والظفر، أو {تُفْلِحُونَ} أي: تظفرون.

﴿ ٤٥