٤وقوله - عَزَّ وَجَلَّ -: (إِلَّا الَّذِينَ عَاهَدْتُمْ مِنَ الْمُشْرِكِينَ ثُمَّ لَمْ يَنْقُصُوكُمْ شَيْئًا (٤) قَالَ بَعْضُهُمْ: هذا صلة قوله: {بَرَاءَةٌ مِنَ اللّه وَرَسُولِهِ إِلَى الَّذِينَ عَاهَدْتُمْ مِنَ الْمُشْرِكِينَ} {إِلَّا الَّذِينَ عَاهَدْتُمْ مِنَ الْمُشْرِكِينَ ثُمَّ لَمْ يَنْقُصُوكُمْ شَيْئًا وَلَمْ يُظَاهِرُوا عَلَيْكُمْ أَحَدًا فَأَتِمُّوا إِلَيْهِمْ عَهْدَهُمْ إِلَى مُدَّتِهِمْ}. أمر بإتمام العهد للذين لم ينقضوا المسلمين، ولا ظاهروا عليهم أحدًا، وأما الذين كانت عادتهم نقض العهد ونكثه فإنه لا يتم لهم، ولكن ينقض، وكذلك تأولوا قوله: {بَرَاءَةٌ مِنَ اللّه وَرَسُولِهِ إِلَى الَّذِينَ عَاهَدْتُمْ مِنَ الْمُشْرِكِينَ}: النقض. ويحتمل أن يكون صلة قوله: {وَبَشِّرِ الَّذِينَ كَفَرُوا بِعَذَابٍ أَلِيمٍ}، ويكون العذاب الأليم هو القتل والأسر؛ كأنه يقول: وبشر الذين كفروا بالقتل والأسر {إِلَّا الَّذِينَ عَاهَدْتُمْ مِنَ الْمُشْرِكِينَ ثُمَّ لَمْ يَنْقُصُوكُمْ شَيْئًا وَلَمْ يُظَاهِرُوا عَلَيْكُمْ أَحَدًا}. ثم يحتمل قوله: {لَمْ يَنْقُصُوكُمْ شَيْئًا} أي: لم يخونوكم شيئًا ما داموا في العهد، {وَلَمْ يُظَاهِرُوا عَلَيْكُمْ أَحَدًا} أي: لم يعاونوا ولا أطلعوا أحدًا من المشركين عليكم، {فَأَتِمُّوا إِلَيْهِمْ عَهْدَهُمْ إِلَى مُدَّتِهِمْ}؛ كقوله: {وَإِمَّا تَخَافَنَّ مِنْ قَوْمٍ خِيَانَةً فَانْبِذْ إِلَيْهِمْ عَلَى سَوَاءٍ} أمر بالنبذ إليهم عند خوف الخيانة، وأمر بالإتمام إذا لم يخونوا ولم يظاهروا عليهم أحدًا. ودل قوله: (وَبَشِّرِ الَّذِينَ كَفَرُوا بِعَذَابٍ أَلِيمٍ (٣) إِلَّا الَّذِينَ عَاهَدْتُمْ مِنَ الْمُشْرِكِينَ) على أن قوله: {وَاعْلَمُوا أَنَّكُمْ غَيْرُ مُعْجِزِي اللّه} أي: غير معجزي أولياء اللّه في عذاب الدنيا؛ لأنهم جميعًا سواء في عذاب الآخرة، مشتركون فيه. وقوله: {إِلَى مُدَّتِهِمْ} قَالَ بَعْضُهُمْ: مدة القوم أربعة أشهر بعد يوم النحر لعشر مضين من ربيع الآخر لمن كان له عهد، ومن لا عهد له إلى انسلاخ المحرم، خمسون ليلة. وقَالَ بَعْضُهُمْ: إلا الذين عاهدتم من المشركين بالحديبية فلم يبرأ اللّه ورسوله من عهدهم في الأشهر الأربع ثم لم ينقصوكم في الأشهر الأربع، {وَلَمْ يُظَاهِرُوا عَلَيْكُمْ أَحَدًا} أي: لم يعينوا على قتالكم أحدًا من المشركين، أي: إن لم يفعلوا ذلك {فَأَتِمُّوا إِلَيْهِمْ عَهْدَهُمْ إِلَى مُدَّتِهِمْ} وهو الأربعة الأشهر {إِنَّ اللّه يُحِبُّ الْمُتَّقِينَ}: الذين اتقوا المعاصي والشرك. |
﴿ ٤ ﴾