٦

وقوله - عَزَّ وَجَلَّ -: (إِنَّ فِي اخْتِلَافِ اللَّيْلِ وَالنَّهَارِ وَمَا خَلَقَ اللّه فِي السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ لَآيَاتٍ لِقَوْمٍ يَتَّقُونَ (٦)

إن في اختلاف الليل والنهار آية البعث ودلالة تدبير صانعهما، أما دلالة البعث فهي أن كل واحد منهما إذا جاء ذهب الآخر وفني حتى لا يبقى له الأثر، ثم يتجددان ويحدثان على ذلك أمرهما، ويتلف كل واحد منهما صاحبه حتى لا يبقى له الأثر، فمن قدر على ما ذكرنا قدر على بعثهم وإنشائهم بعد الموت بعدما صاروا ترابًا، وأما دلالة التدبير فهو جريانهما وسيرهما على سنن واحد وتقدير واحد من غير تغيير يقع فيهما أو تفاوت أو

 نقصان يقع فيهما أو زيادة وإن كان أحدهما يدخل في الآخر، دل على ما ذكرنا أنهما يجريان ويختلفان على شيء واحد وجريان واحد؛ أن فيهما تدبيرًا غير ذاتي وعلمًا أزليا وأنه واحد؛ إذ لو كان التدبير فيهما لعدد لكانا مختلفين ولا يجريان على قدر واحد من غير تفاوت فيهما أو نقصان أو زيادة، دل أنه واحد، وباللّه التوفيق.

وفي ذلك دلالة وحدانية منشئهما وخالقهما؛ لأنه أنشأهما وبينهما من البعد ما بينهما من البعد، وجعل منافع أحدهما متصلة بمنافع الآخر على بعد ما بينهما، دل أن منشئهما واحد؛ إذ لو كان فعل عدد منع كل منهم فعله عن الوصول بالآخر على ما هو فعل ملوك الأرض.

وقوله - عَزَّ وَجَلَّ -: {لِقَوْمٍ يَتَّقُونَ}. مخالفة اللّه ويتقون جميع الشرور والمساوي.

﴿ ٦