٥٦وقوله - عَزَّ وَجَلَّ -: (وَكَذَلِكَ مَكَّنَّا لِيُوسُفَ فِي الْأَرْضِ يَتَبَوَّأُ مِنْهَا حَيْثُ يَشَاءُ نُصِيبُ بِرَحْمَتِنَا مَنْ نَشَاءُ وَلَا نُضِيعُ أَجْرَ الْمُحْسِنِينَ (٥٦) يقول - واللّه أعلم -: كما برأنا يوسف مما قرف به، وأظهرنا براءته منه؛ مكناه في الأرض حتى احتاج أهل نواحي مصر وأهل الآفاق إليه. أو أن يقال: كما حفظناه وأنجيناه؛ مما قصد به إخوته من الهلاك؛ نمكن له في الأرض. وجائز أن يكون قوله: {وَكَذَلِكَ مَكَّنَّا لِيُوسُفَ} جوابه: كما مكنا ليوسف في الأرض بعدما أخرج من عليه الإيواء والضم، كذلك نمكنك في الأرض ونؤوي؛ بعدما أخرجك من عليه إيواؤك. وقوله - عَزَّ وَجَلَّ -: {يَتَبَوَّأُ مِنْهَا حَيْثُ يَشَاءُ}. أي: ينزل منها حيث يشاء، ويسكن منها حيث يشاء. وقوله - عَزَّ وَجَلَّ -: {نُصِيبُ بِرَحْمَتِنَا مَنْ نَشَاءُ}. يحتمل قوله: {بِرَحْمَتِنَا} سعة الدنيا ونعيمها؛ كقوله: {مَا يَفْتَحِ اللّه لِلنَّاسِ مِنْ رَحْمَةٍ فَلَا مُمْسِكَ لَهَا}. ويحتمل {بِرَحْمَتِنَا}: أمر الدِّين من النبوة والعصمة، وهو على المعتزلة؛ لأنهم يقولون: ليس للّه أن يختص أحدًا برحمته ولا يصيب من رحمته إنسانًا دون إنسان، وعلى قولهم لم يكن من اللّه إلى رسول من الرحمة إلا وكان إلى إبليس مثله. وقوله - عَزَّ وَجَلَّ -: {وَلَا نُضِيعُ أَجْرَ الْمُحْسِنِينَ}. أي: لا نضيع أجر من أحسن صحبة اللّه في الدنيا والآخرة؛ أي نجزيه جزاء إحسانه أو يقول: ولا نضيع أجر من أحسن صحبة نعم اللّه وقبلها بالشكر له. وقوله - عَزَّ وَجَلَّ -: (وَلَأَجْرُ الْآخِرَةِ خَيْرٌ لِلَّذِينَ آمَنُوا وَكَانُوا يَتَّقُونَ (٥٧) أي ثواب الآخرة وأجرها خير لهم من ثواب الدنيا وأجرها. وقوله: {آمَنُوا}. صدقوا. {وَكَانُوا يَتَّقُونَ} الشرك. {آمَنُوا} صدقوا؛ {وَكَانُوا يَتَّقُونَ} المعاصي والفواحش. |
﴿ ٥٦ ﴾