٧وقوله - عَزَّ وَجَلَّ -: (وَإِذْ تَأَذَّنَ رَبُّكُمْ لَئِنْ شَكَرْتُمْ لَأَزِيدَنَّكُمْ وَلَئِنْ كَفَرْتُمْ إِنَّ عَذَابِي لَشَدِيدٌ (٧) قَالَ بَعْضُهُمْ: {وَإِذْ تَأَذَّنَ} قال ربكم. وقيل: إذ أعلم ربكم وأخبر، والعرب ربما قالت: أفعلت في معنى تفعلت؛ فهذا من ذلك، ومثله في الكلام: أوعدنى وتوعدنى؛ وهو قول الفراء، وحقيقته: وعد ربكم أو كفل ربكم؛ لئن شكرتم لأزيدنكم، لم يقل: لئن شكرتم نعمة كذا، ولا بيِّن أي نعمة: النعم كلها، أو نعمة دون نعمة، ولا قال: شكرتم بماذا، وقال لأزيدنكم؛ لم يذكر الزيادة في ماذا؛ ومن أي: شيء هي. فيشبه أن يكون قوله: {لَئِنْ شَكَرْتُمْ} بالتوحيد؛ أي: وحَّدتم اللّه في الدنيا؛ فيما خلقكم خلقًا؛ وركب فيكم ما تتلذذون وتتنعمون في الدنيا؛ وفيما قومكم من أحسن تقويم. {لَأَزِيدَنَّكُمْ} النعم الدائمة في الآخرة؛ فيصير على هذا التأويل كأنه قال: لئن أتيتم شاكرين في الآخرة لأزيدنكم النعم الدائمة، وإلى هذا يذهب ابن عَبَّاسٍ رَضِيَ اللّه عَنْهُ؛ أو قريب منه؛ ألا ترى أنه قال: {وَلَئِنْ كَفَرْتُمْ إِنَّ عَذَابِي لَشَدِيدٌ} أي: ولئن كفرتم ولم توحدوه؛ وأشركتم غيره فيه؛ وصرفتم شكر تلك النعم إلى غيره إن عذابي لشديد. ويحتمل أن يكون كل نعمة يشكرها يزيد له من نوعها في الدنيا؛ ويدوم ذلك له. وفي قوله: {لَئِنْ شَكَرْتُمْ لَأَزِيدَنَّكُمْ} لطف وفضل؛ لأن الشكر هو المجازاة والمكافأة لما سبق، واللّه تعالى لا يكافئ فيما أنعم؛ لأنهم يستزيدون لأنفسهم الزيادة بالشكر الذي ذكر؛ فهو ليس بشكر في الحقيقة، لكن هذا منه لطف، ذكره؛ وهو كما قال اللّه تعالى: {وَأَقْرِضُوا اللّه قَرْضًا حَسَنًا. . .} الآية، وقال: {إِنَّ اللّه اشْتَرَى مِنَ الْمُؤْمِنِينَ أَنْفُسَهُمْ وَأَمْوَالَهُمْ. . .} الآية، فهذه الأنفس والأموال في الحقيقة للّه؛ ليست لهم؛ فهم فيما يقرضون، يقرضون لأنفسهم، وكذلك في الشراء يشترون لأنفسهم من مولاهم، لكنه ذكر شراه من أنفسهم؛ لطفًا منه وفضلا؛ فعلى ذلك فيما ذكر من الشكر له يطلبون الزيادة لأنفسهم؛ لطفًا منه، وإن كان الشكر في الظاهر موضوعه المكافأة لما سبق، فهو فيما بين الرب والعباد ليس بمكافأة؛ ولكن سبب الزيادة، ولكن سمي شكرًا؛ لطفًا منه وفضلا على ما ذكر التصدق قرضًا؛ واللّه أعلم، ألا ترى أنه |
﴿ ٧ ﴾