١٢

وقوله - عَزَّ وَجَلَّ -: (وَمَا لَنَا أَلَّا نَتَوَكَّلَ عَلَى اللّه وَقَدْ هَدَانَا سُبُلَنَا وَلَنَصْبِرَنَّ عَلَى مَا آذَيْتُمُونَا وَعَلَى اللّه فَلْيَتَوَكَّلِ الْمُتَوَكِّلُونَ (١٢)

كأن هذا يخرجع على إئر جواب كان منهم؛ لما قال الرسل: {وَمَا كَانَ لَنَا أَنْ نَأْتِيَكُمْ بِسُلْطَانٍ إِلَّا بِإِذْنِ اللّه وَعَلَى اللّه فَلْيَتَوَكَّلِ الْمُؤْمِنُونَ} فأجابوهم بحرف؛ فعند ذلك قال الرسل: {وَمَا لَنَا أَلَّا نَتَوَكَّلَ عَلَى اللّه} لكنه لم يذكر ما كان منهم؛ ولكن ذكر جواب الرسل لهم: {وَمَا لَنَا أَلَّا نَتَوَكَّلَ عَلَى اللّه وَقَدْ هَدَانَا سُبُلَنَا}

قَالَ بَعْضُهُمْ: وقد بين لنا سلوك سبلنا.

وعندنا قوله: {وَقَدْ هَدَانَا} أي: وفق لنا السلوك في السبل التي علينا أن نسلكها؛ وأكرم لنا ذلك؛ أي: ما لنا ألا نتوكل عليه في النصر والظفر عليكم؛ وقد وفقنا وأكرمنا السلوك في السبل التي علينا سلوكها، وذلك أعسر من القيام للأعداء والنصر بهم؛ وقد أكرمنا ما هو أعسر وأعظم؛ فإن ينصرنا أولى. واللّه أعلم.

وقوله - عَزَّ وَجَلَّ -: {وَلَنَصْبِرَنَّ عَلَى مَا آذَيْتُمُونَا}.

يحتمل أن يكون هذا قبل أن يأمروا بالقيام لهم والاستنصار منهم؛ أمروا بالصبر على أذاهم؛ فقالوا: {وَلَنَصْبِرَنَّ عَلَى مَا آذَيْتُمُونَا}.

ويشبه أن يكون قوله: {وَمَا لَنَا أَلَّا نَتَوَكَّلَ عَلَى اللّه} أنهم قالوا ذلك؛ لما كان أهل الكفر في كثرة؛ وكان أهل الإسلام وأتباع الرسل في قلة؛ يستقلون أهل الإسلام ويعاتبون على ذلك؛ فقالوا عند ذلك: {وَمَا لَنَا أَلَّا نَتَوَكَّلَ عَلَى اللّه} بالنصر على أعدائنا؛ والغلبة عليهم، وقد أكرمنا بما ذكر.

وقوله - عَزَّ وَجَلَّ -: {وَعَلَى اللّه فَلْيَتَوَكَّلِ الْمُتَوَكِّلُونَ} كأنه يخرج على الأمر؛ أي: على اللّه فتوكلوا؛ لا تتوكلوا على غيره.

ويشبه أن يكون على الخبر؛ أي: لا يتوكل المؤمن إلا على اللّه؛ لا يتوكل على غيره؛ كقول الرسول حيث قال: {إِنِّي تَوَكَّلْتُ عَلَى اللّه. . .} الآية، وهو قول هود، وقول المؤمنين: {عَلَى اللّه تَوَكَّلْنَا رَبَّنَا افْتَحْ بَيْنَنَا. . .} الآية، ونحوه.

﴿ ١٢