١٩

وقوله - عَزَّ وَجَلَّ -: {أَلَمْ تَرَ أَنَّ اللّه خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ}.

{أَلَمْ تَرَ} حرف تنبيه عن عجيب بَلَغَه وعلم به غفل عنه، أو نقول: حرف تنبيه عن عجيب لم يبلغه بعد ولم يعلم به. على هذين الوجهين يشبه أن يكون واللّه أعلم.

وقوله - عَزَّ وَجَلَّ -: {خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ بِالْحَقِّ}.

قال عامة أهل التأويل: بالحق أي: للحق، وتأويل قولهم - واللّه أعلم -: للحق: أي: للكائن لا محالة؛ وهي الآخرة؛ لأنه خلق العالم الأول للعالم الثاني؛ والمقصود في خلق هذا العالم هو العالم الثاني؛ فكان خلقهما للثاني لا للأول الأنه لو كان للأول،

 دون الثاني؛ يحصل خلقهما للفناء، وذلك خارج عن الحكمة؛ وهو ما قال: {أَفَحَسِبْتُمْ أَنَّمَا خَلَقْنَاكُمْ عَبَثًا وَأَنَّكُمْ إِلَيْنَا لَا تُرْجَعُونَ}.

وقال قائلون: للحق الذي وجب له عليهم بالامتحان والابتلاء، خلقهما للشهادة له على الممتحن.

أو يقول: خلقهما بالحق: أي: بالحكمة.

وقوله: {أَنَّ اللّه خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ بِالْحَقِّ}.

إن كان الخطاب به لرسول اللّه - صَلَّى اللّه عَلَيهِ وَسَلَّمَ - فيصير كأنه قال: قد رأيت وعلمت أن اللّه خالق السماوات والأرض بالحق.

وإن كان الخطاب به لغيره من أُولَئِكَ يقول: اعلموا أن اللّه خلق السماوات والأرض بالحق؛ لم يخلقهما عبثًا باطلا.

وقوله - عَزَّ وَجَلَّ -: {إِنْ يَشَأْ يُذْهِبْكُمْ وَيَأْتِ بِخَلْقٍ جَدِيدٍ}.

قال بعض أهل التأويل: هذه المخاطبة يخاطب بها أهل مكة؛ يذكر قدرته وسلطانه على بعثهم بعد الموت والهلاك؛ يقدر على إذهابكم وإهلاككم، ويقدر أيضًا أن يأتي بغيركم، فعلى ذلك: يقدر على بعثكم بعد مماتكم.

﴿ ١٩