سُورَةُ بَنِي إِسْرَائِيلَمكية بِسْمِ اللّه الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ ١قوله - عَزَّ وَجَلَّ -: {سُبْحَانَ الَّذِي أَسْرَى بِعَبْدِهِ لَيْلًا}. {سُبْحَانَ}: كلمة إجلال اللّه عن الأكفاء، وتنزيهه عن الشركاء، وتبريئه عما قالت المعطّلة فيه وظنت الملاحدة به: من الولد، والحاجات، والآفات، وجميع معاني الخلق. وروي في بعض الأخبار عن رسول اللّه - صَلَّى اللّه عَلَيهِ وَسَلَّمَ - أنه سئل عن تفسير: {سُبْحَانَ اللّه}؛ قال: هو تنزيه اللّه عن كل سوء. ومعنى قوله: {سُبْحَانَ الَّذِي أَسْرَى بِعَبْدِهِ لَيْلًا مِنَ الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ إِلَى الْمَسْجِدِ الْأَقْصَا} هو - واللّه أعلم - كأنه ذكر أن من قدر على أن يسري بعبده ليلًا مسيرة شهر يقدر على إحياء الموتى بعد الموت، ويملك: حفظ رسوله والنصر له وإظهار آيات نبوته ورسالته، وقطع جميع حيل المكذبين له والمخالفين. وقوله: {مِنَ الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ إِلَى الْمَسْجِدِ الْأَقْصَا}. سماه أقصى، وهو الأبعد، من قصا يقصو قصوّا؛ فهو قاصي، كأنه لم يكن يومئذ إلا المسجد الحرام - ومسجده بالمدينة ومسجد بيت المقدس؛ فسماه لذلك - واللّه أعلم - المسجد الأقصى. وقوله - عَزَّ وَجَلَّ -: {الَّذِي بَارَكْنَا حَوْلَهُ} سميّ: مباركًا؛ لكثرة أنزاله وخيراته وسعته. وقيل: سميّ: مباركًا؛ لأنه مكان الأنبياء ومقامهم؛ فبورك فيه ببركتهم منافع، واللّه أعلم. وقوله - عزَّ وجلَّ -: {لِنُرِيَهُ مِنْ آيَاتِنَا}. أي: لنريه من آياتنا الحسية بعد ما أراه الآيات العقليَّة؛ لأن الآيات الحسية أكبر في قطع الشبه ودفع الوساوس من العقلية؛ إذ لا يشك أحد فيما كان سبيل معرفته الحسق والعيان. وقد يعترض ربما الشبه والوساوس في العقليات؛ لأنه لا يشك أحد في نفسه أنه هو؛ فأَحبَّ - عَزَّ وَجَلَّ - أن يري رسوله آيات حسية تضطر المنصفين على قبولها، والإيمان بها، والإقرار له أنه رسول اللّه - صَلَّى اللّه عَلَيهِ وَسَلَّمَ -؛ لما يعلمون أن ما كان يخبرهم من أخبار - حيث قال: إنه رأى عِيرَ فلان، وأمورًا - يعلمون أنه لا يقول إلا عن مشاهدة وعيان؛ لأنه كان ما أتى من الآيات العقليات قالوا: إنه سحر، وما ذكر من الأشياء التي كانت في كتبهم المتقدمة - قالوا: {أَسَاطِيرُ الْأَوَّلِينَ}، و {إِنَّمَا يُعَلِّمُهُ بَشَرٌ}. ليس ذلك عمل سحر ولا إفكًا ولا افتراء ولا أساطير الأولين؛ على ما نسبوه إلى السحر مرة وإلى الإفك والافتراء ثانيًا، ونحوه. وقوله - عَزَّ وَجَلَّ -: {إِنَّهُ هُوَ السَّمِيعُ الْبَصِيرُ}. أي: من قدر على ما ذكر لا يحتمل أن يخفى عليه شيء من قول أو عمل، ثم ما روي من الأخبار أنه عُرِج به إلى السماء حتى رأى إخوانه الأنبياء الماضين قبله، وما ذكر فيها - فنحن نقول ما قال الصديق - رضوان اللّه عليه -: " إن كان قال ذلك فأنا أشهد على ذلك "، وإلا نَقُلْ على مقدار، ما في الآية: إنه أسرى به إلى بيت المقدس المسجد الأقصى، ولا نزيد عليه؛ لأته من أخبار الآحاد فلا تسع الشهادة له. |
﴿ ١ ﴾