٣وقوله - عَزَّ وجل -: (ذُرِّيَّةَ مَنْ حَمَلْنَا مَعَ نُوحٍ إِنَّهُ كَانَ عَبْدًا شَكُورًا (٣) قَالَ بَعْضُهُمْ: يعني بالذرية الأنبياء الذين كانوا من قبل، أي: كانوا من ذرية نوح ومن حمل معه، وهم بشر؛ قال: ذكر هذا لإنكارهم، بعث الرسل من البمثمر؛ حيث قالوا: {أَبَعَثَ اللّه بَشَرًا رَسُولًا}. والثاني: يحتمل غيره، أي: من ذرية من حملنا مع نوح، أي: هَؤُلَاءِ من ذرية من حملنا مع نوح؛ فكيف خالفوا آباءهم الذين كانوا على الهدى، وتابعوا غيرهم؟! أو يذكر أن هَؤُلَاءِ الرسل من ذرية من حملنا مع نوح، وهم بشر، فكيف أنكروا الرسول من بشر؟! ثم قَالَ بَعْضُهُمْ: هو على النداء والدعاء: يا ذرية من حملنا مع نوح، في السفينة - في أصلاب الرجال وأرحام النساء زمان الطوفان - لا تتخذوا من دوني وكيلًا، قيل: رئا وإلهًا، وقيل: شريكا. وأصله ما ذكرنا أن الوكيل: هو المعتمد. {إِنَّهُ كَانَ عَبْدًا شَكُورًا}. يعني: نوحًا، قَالَ بَعْضُهُمْ: سماه شكورًا؛ لأنه كان يذكر ربه في كل أحواله، وقال بعضهم: الشكور هو الذي يبتغِي مرضات منعمِهِ، ويجتنب مساخطه، وقَالَ بَعْضُهُمْ: الشكور هو المطيع للّه. وقد ذكرنا معنى الشكر: أنه اسم المكافأة، أو يقال: كانت عبادته للّه عبادة شكر لا عبادة استغفار، أي: كان شكورًا في عبادته لا مستغفرًا. |
﴿ ٣ ﴾