٥

وقوله - عَزَّ وَجَلَّ -: (فَإِذَا جَاءَ وَعْدُ أُولَاهُمَا بَعَثْنَا عَلَيْكُمْ عِبَادًا لَنَا أُولِي بَأْسٍ شَدِيدٍ فَجَاسُوا خِلَالَ الدِّيَارِ وَكَانَ وَعْدًا مَفْعُولًا (٥)

أي: جاء وعد هلاك من عصى منهم أولًا، وخالف أمر اللّه وكفر به.

{بَعَثْنَا عَلَيْكُمْ عِبَادًا لَنَا أُولِي بَأْسٍ شَدِيدٍ}.

قال الحسن: قوله: {بَعَثْنَا عَلَيْكُمْ} ليس على بعث الوحي إليهم؛ ولكن على التخلية، أي: خلينا بينهم وبين عباد أولي بأس شديد، أي: أولي بطش شديد وقوة؛

 كقوله: {أَلَمْ تَرَ أَنَّا أَرْسَلْنَا الشَّيَاطِينَ عَلَى الْكَافِرِينَ}، أي: أخلينا بينهم وبين الشياطين.

وقَالَ بَعْضُهُمْ: {بَعَثْنَا عَلَيْكُمْ} أي: أسلطنا عليكم.

وقوله: {بَعَثْنَا عَلَيْكُمْ عِبَادًا لَنَا أُولِي بَأْسٍ شَدِيدٍ} رد على المعتزلة؛ لأنه ذكر أنه بعث عليهم عبادا أولي بأس شديد، وإنما بعثهم لجزاء إساءتهم ولسوء صنيعهم، وذلك شريفعل بهم؛ دل أن للّه صنعًا في جميع فعل العباد.

وقوله - عَزَّ وَجَلَّ -: {فَجَاسُوا خِلَالَ الدِّيَارِ}.

قَالَ بَعْضُهُمْ: جاسوا - من التجشس)، أي: يتجسَّسون أخبارهم ويسمعون أحاديثهم، وهم جنود جاءوا من فارس.

وقَالَ بَعْضُهُمْ: {فَجَاسُوا} أي: قتلوا الناس في الأزِقَّة، وقيل: في الطرق.

وقوله - عَزَّ وَجَلَّ -: {وَكَانَ وَعْدًا مَفْعُولًا}.

أي: الذين قالوا: {لَتُفْسِدُنَّ فِي الْأَرْضِ مَرَّتَيْنِ} وعدًا كائنًا مفعولًا، أي: كان وعدًا موعودًا مفعولًا كائنًا، وإلا الوعد لا يأتي، وكذلك قوله: {إِنَّهُ كَانَ وَعْدُهُ مَأْتِيًّا} أي: موعودًا مأتيا، وكذلك ما أشبه هذا.

﴿ ٥