٢٦وقوله - عَزَّ وَجَلَّ -: (وَآتِ ذَا الْقُرْبَى حَقَّهُ وَالْمِسْكِينَ وَابْنَ السَّبِيلِ وَلَا تُبَذِّرْ تَبْذِيرًا (٢٦) كان الآية هي صلة قوله: {وَقَضَى رَبُّكَ أَلَّا تَعْبُدُوا إِلَّا إِيَّاهُ وَبِالْوَالِدَيْنِ إِحْسَانًا}، أي: وقضى -أيضًا- أن تؤتي ذا القربى حقه ومن ذكر، أي: فرض، وحتم، وحكم؛ على اختلاف ما قالوا، وهو كقوله: {وَاعْبُدُوا اللّه وَلَا تُشْرِكُوا بِهِ شَيْئًا وَبِالْوَالِدَيْنِ إِحْسَانًا. . .} الآية. أمر - عزّ وجلَّ - ببر الوالدين، والشكر لهما، وصلة ذي القربى، فريضة، ومن ذكر. ثم اختلفوا في قوله: {حَقَّهُ}: قَالَ بَعْضُهُمْ: ذلك الحق فريضة، وهو الزكاة؛ حيث جعل تلك صلة ما هو فرض، وهو الشكر للّه، وجعل العبادة له وشكر الوالدين؛ جزاء لما كان منهما إليه، وقد ذكرنا أن ذلك فرض لازم؛ فعلى ذلك صلة هَؤُلَاءِ؛ إذ صلتهم فريضة؛ لما جاء من المواعيد الشديدة في قطع الرحم، والترغيب في صلتهم. ومنهم من قال: ذلك الحق نفل؛ ألا ترى أنه قال: {وَلَا تُبَذِّرْ تَبْذِيرًا}، {وَلَا تَبْسُطْهَا كُلَّ الْبَسْطِ}، وقال: {وَإِمَّا تُعْرِضَنَّ عَنْهُمُ ابْتِغَاءَ رَحْمَةٍ مِنْ رَبِّكَ تَرْجُوهَا} فلا يحتمل ما ذكر من الإعراض عنهم ابتغاء رحمة من ربك ترجوها في الفرض، دل ائه في النفل، واللّه أعلم. وقوله - عَزَّ وَجَلَّ -: {وَلَا تُبَذِّرْ تَبْذِيرًا}. قَالَ بَعْضُهُمْ: التبذير والإسراف: واحد، وهو المجاوزة عن الحد الذي جعل في الإنفاق والحقوق، والمجاوزة: عن المحق، إلى غير المحق. روي عن ابن مسعود أنه سئل عن التبذير؛ فقال: إنفاق المال في غير حقه. وكذلك قول ابن عَبَّاسٍ، رَضِيَ اللّه عَنْهُ. وقَالَ بَعْضُهُمْ: التبذير هو الإنفاق فيما لا ينتفع به. ويحتمل ما ذكرنا أنه يترك الإنفاق على المحق وهم ذوو القربى، وينفق على الأجنبيين. |
﴿ ٢٦ ﴾