٣٥

وقوله - عَزَّ وَجَلَّ -: (وَأَوْفُوا الْكَيْلَ إِذَا كِلْتُمْ وَزِنُوا بِالْقِسْطَاسِ الْمُسْتَقِيمِ ذَلِكَ خَيْرٌ وَأَحْسَنُ تَأْوِيلًا (٣٥)

أمر بتوفير الكيل إذا كالوا والوزن إذا وزنوا لهم، وإيفاء حقوقهم، وهو ما قال: {وَيَا قَوْمِ أَوْفُوا الْمِكْيَالَ وَالْمِيزَانَ بِالْقِسْطِ وَلَا تَبْخَسُوا النَّاسَ أَشْيَاءَهُمْ}، إن من عادتهم إذا كالوا أو وزنوا يبخسون الناس أشياءهم، ولم يوفروا حقوقهم؛ فنهاهم عن ذلك، وأوعدهم بالوعيد الشديد، وهو قوله: (وَيْلٌ لِلْمُطَفِّفِينَ (١) الَّذِينَ إِذَا اكْتَالُوا عَلَى النَّاسِ يَسْتَوْفُونَ (٢) وَإِذَا كَالُوهُمْ أَوْ وَزَنُوهُمْ يُخْسِرُونَ (٣). ذِكْرُ تخصيص للكيلي والوزني من بين سائر الأشياء يحتمل وجهين:

أحدهما: لما بهما يجري عافة معاملة الناس؛ فأمرهم بإيفاء ذلك.

والثاني: لخوف الربا؛ لأن الكيلي والوزني هما اللذان يكونان دَيْنا في الذمة؛ فإذا أخذ شيء منهما أخذ عما كان دينا في الذمة، فإن نقص أو زاد فيكون ربا؛ لذلك خص، وإن كان غيره من الأشياء يؤمر بالإيفاء واللّه أعلم.

وقوله - عَزَّ وَجَلَّ -: {وَزِنُوا بِالْقِسْطَاسِ الْمُسْتَقِيمِ}.

قَالَ بَعْضُهُمْ: القسطاس: حرف أخذ من الكتب السالفة ليس بمعرفة، وقال بعضهم: هو العدل، أي: زنو ابالعدل،

وقَالَ بَعْضُهُمْ: هو الميزان؛ كقوله: {وَأَوْفُوا الْكَيْلَ الْكَيْلَ وَالْمِيزَانَ بِالْقِسْطِ}،

وقَالَ بَعْضُهُمْ: {بِالْقِسْطَاسِ}: القبان؛ فكيفما كان ففيه ما ذكرنا: من الأمر بتوفير الكيل والوزن، والإيفاء لحقوقهم، والنهي عن البخس والنقصان.

وقوله - عزَّ وجلَّ -: {ذَلِكَ خَيْرٌ وَأَحْسَنُ تَأْوِيلًا}.

يحتمل قوله: {ذَلِكَ خَيْرٌ} - ما ذكر من توفير الكيل والوزن وإيفاء الحقوق - خير في الدنيا؛ لما فيه أمن لهم من النا.

{وَأَحْسَنُ تَأْوِيلًا}، أي: أحسن عاقبة في الآخرة، ويحتمل قوله ذلك - ما ذكر في هذه

الآيات من أولها إلى آخرها: إذا عملوا بها خير لهم في الدنيا وأحسن تأويلًا، أي: عاقبة.

﴿ ٣٥