١٠٢

وقوله - عَزَّ وَجَلَّ -: (أَفَحَسِبَ الَّذِينَ كَفَرُوا أَنْ يَتَّخِذُوا عِبَادِي مِنْ دُونِي أَوْلِيَاءَ إِنَّا أَعْتَدْنَا جَهَنَّمَ لِلْكَافِرِينَ نُزُلًا (١٠٢)

قيل فيه بوجوه:

الأول:

قَالَ بَعْضُهُمْ: تأويله: أفحسب الذين عبدوا في الدنيا الملائكة والرسل واتخذوهم من دوني أولياء أن يكونوا لهم أولياء في الآخرة، ويتولون شفاعتهم يشفعون لهم وينصرون، كلا لن يصيروا لهم أولياء، كقولهم: {هَؤُلَاءِ شُفَعَاؤُنَا عِندَ اللّه} و {مَا نَعْبُدُهُمْ إِلَّا لِيُقَرِّبُونَآ إِلَى اللّه زُلْفَى}.

والثاني: {أَفَحَسِبَ الَّذِينَ كَفَرُوا أَنْ يَتَّخِذُوا عِبَادِي} المخلصين {مِنْ دُونِي أَوْلِيَاءَ} ويتولونهم، أي: لا يقدرون على أن يتخذوا أولياء من دوني، وقد كانوا يدعون المؤمنين إلى دينهم، والتولي لهم، وهو ما قال: (إِنَّهُ لَيْسَ لَهُ سُلْطَانٌ عَلَى الَّذِينَ آمَنُوا وَعَلَى رَبِّهِمْ يَتَوَكَّلُونَ (٩٩) إِنَّمَا سُلْطَانُهُ عَلَى الَّذِينَ يَتَوَلَّوْنَهُ).

والثالث: {أَفَحَسِبَ الَّذِينَ كَفَرُوا} أن ما عبدوا واتخذوا {مِنْ دُونِي أَوْلِيَاءَ} أني أمرتهم

 بذلك أو أذنت لهم حيث قالوا: {وَاللّه أَمَرَنَا بِهَا}، ونحوه، كلا إنه ما أمرهم بذلك أو أذن لهم في ذلك.

ومن قرأ: {أَفَحَسْبُ} على الجزم فهو على إسقاط ألف الاستفهام، يعني: فحسب الذين كفروا، فهو يخرج على وجوه ثلاثة:

أحدها: فحسب الذين كفروا واتخذوا عبادي من دوني أولياء ما أعتدنا لهم من جهنم، كقوله: {حَسْبُهُمْ جَهَنَّمُ يَصْلَوْنَهَا. . .} الآية.

والثاني: أحسب الذين كفروا ما اتخذوا من دوني أولياء، أي: أما كفاهم ذلك وما حان لأن يرجعوا إلى عبادتي وألوهيتي، وقد أقمت لهم الآيات والحجج على ذلك.

والثالث: حسب لهم من الذل ما اتخذوا من دوني أولياء.

وقوله - عَزَّ وَجَلَّ -: {إِنَّا أَعْتَدْنَا جَهَنَّمَ لِلْكَافِرِينَ نُزُلًا}.

قَالَ بَعْضُهُمْ: نزلًا هو النزول وهو من النزول.

وقَالَ بَعْضُهُمْ: هو المنزل والإنزال، أي: يأكلون فيها النار؛ يكون مأكلهم ومشربهم من النار.

قَالَ الْقُتَبِيُّ: النزل ما يقدم للضيف ولأهل العسكر.

﴿ ١٠٢