١٠٣

وقوله - عَزَّ وَجَلَّ -: (قُلْ هَلْ نُنَبِّئُكُمْ بِالْأَخْسَرِينَ أَعْمَالًا (١٠٣) الَّذِينَ ضَلَّ سَعْيُهُمْ فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا).

يشبه أن يكون هذا خرج على مقابلة قول كان من رؤساء الكفرة وجواب لهم، وهو أن الرؤساء منهم كانوا يوسعون الدنيا على بعض أتباعهم ويحسنون إليهم، ثم صار أُولَئِكَ الأتباع أتباعًا لرسول اللّه ودخلوا في دينه فضاقت عليهم الدنيا، وذهبت المنافع التي كانت لهم منهم، فعيرهم بذلك أُولَئِكَ الكفرة، ووبخوهم على ما اختاروا من الدِّين أنه لو كان حقا لاتسع عليهم في الدنيا كما اتسع علينا وعليهم ما داموا على ديننا، أو كلامًا نحو هذا، فأجابهم اللّه بذلك، فقال: {قُلْ هَلْ نُنَبِّئُكُمْ بِالْأَخْسَرِينَ أَعْمَالًا. . .} الآية.

ويحتمل: أن يكون على الابتداء في أهل الصوامع منهم والرهبان الذين اعتزلوا النساء، وحبسوا أنفسهم لعبادة الأصنام والأوثان، وجهدوها فيها، وحملوا على أنفسهم الشدائد والمشقة، فأخبر - عَزَّ وَجَلَّ - أن هَؤُلَاءِ أخسرهم أعمالًا وأضلهم سعيًا من الذين طلبوا الدنيا والرياسة فيها، ولم يفعلوا ما فعل هَؤُلَاءِ وإن كانوا في الكفر سواء.

والأخسر: هو الوصف بالخسران والنهاية والغاية، وجائز أن يستعمل (أفعل) في

 موضع (فعل)، هذا في اللغة غير ممثنع، فيكون تأويله: قل هل ننبئكم بالخاسرين أعمالا، كقوله: اللّه أَكْبَرُ، أي: كبير.

﴿ ١٠٣