١٠٤

وقوله - عَزَّ وَجَلَّ -: (الَّذِينَ ضَلَّ سَعْيُهُمْ فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا ... (١٠٤) يحتمل وجهين:

أحدهما: {ضَلَّ}: أي: ذلوا لعبادتهم التي عبدوا تلك الأوثان والأصنام، وخذلوا أنفسهم بذلك، وعلى ذلك يخرج قوله: {أُولَئِكَ حَبِطَتْ أَعْمَالُهُمْ فِي الدُّنْيَا وَالْآخِرَةِ}. أذلوا أنفسهم في الدنيا بعبادتهم الأصنام.

والثاني: {ضَلَّ سَعْيُهُمْ} الذي سعوا في الدنيا بعبادتهم الأصنام في الآخرة؛ لأنهم قالوا: {مَا نَعْبُدُهُمْ إِلَّا لِيُقَرِّبُونَا إِلَى اللّه زُلْفَى}، و {هَؤُلَاءِ شُفَعَاؤُنَا عِنْدَ اللّه}، ونحوه، فَضلَّ ما أمَّلوا في الآخرة بسعيهم في الدنيا والآخرة، واللّه أعلم.

وقوله - عَزَّ وَجَلَّ -: {وَهُمْ يَحْسَبُونَ أَنَّهُمْ يُحْسِنُونَ صُنْعًا} وهم يحسبون بعبادتهم الأصنام التي عبدوها أنهم يحسنون بما أنفقوا على أُولَئِكَ ووسعوا أنهم يحسنون صنعًا، أي: خيرًا أو معروفا، أي: ليس لهم ذلك بصنع للخير، وفيه دلالة أنهم يؤاخذون بفعلهم الذي فعلوا، وإن جهلوا الحق، وهكذا قولنا: إن من فعل فعلًا وهو جاهل، فإنه يؤاخذ به بعد أن يكون له سبيل الوصول إلى الحق بالطلب أو بالتعلم، حيث هم يحسبون أنهم يحسنون صنعًا.

﴿ ١٠٤