سُورَةُ الْحَجِّ

بِسْمِ اللّه الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ

١

قوله - عَزَّ وَجَلَّ -: {يَا أَيُّهَا النَّاسُ اتَّقُوا رَبَّكُمْ} فد ذكرنا تأويله في غير موضع.

وقوله - عَزَّ وَجَلَّ -: {إِنَّ زَلْزَلَةَ السَّاعَةِ شَيْءٌ عَظِيمٌ} قال الحسن: إن بين يدي الساعة آيات تحجبن التوبة وقبول الإيمان، منها: الزلزلة التي ذكر، ومنها طلوع الشمس من مغربها، وخروج الدجال، والدابة، وخروج يأجوج ومأجوج، وأمثاله، وهو كقوله: {أَوْ يَأْتِيَ بَعْضُ آيَاتِ رَبِّكَ يَوْمَ يَأْتِي بَعْضُ آيَاتِ رَبِّكَ لَا يَنْفَعُ نَفْسًا إِيمَانُهَا لَمْ تَكُنْ آمَنَتْ مِنْ قَبْلُ أَوْ كَسَبَتْ فِي إِيمَانِهَا}.

وجائز - عندنا - أن تكون هذه الآيات غاية لقبول التوبة والإيمان، يقبل إلى ذلك الوقت، ولا يقبل بعد ذلك وإن تابوا وآمنوا.

أو أن يكون قوله: {لَا يَنْفَعُ نَفْسًا إِيمَانُهَا}؛ لأنهم لا يؤمنون لما تشغلهم تلك الآيات عن ذلك فلا يؤمنون؛ لأن تلك الآيات تعم الخلائق كلهم: المؤمن والكافر جميعًا؛ فلا يعرف المبطل والضال أنه على الضلال والباطل، فيرجع إلى الهدى، والحق، ليس كعذاب ينزل على قوم خاصة؛ لأن ذلك يعرف أُولَئِكَ أنه إنما ينزل بهم خاصة؛ لما فيهم من التكذيب والعناد، وإذا كانت الآيات عامة، لم يعرف أهل الضلال أنهم على باطل، وأنه إنما ينزل بسببهم؛ لما يرونه أنه قد تعم الخلائق كلها، فقوله: {لَا يَنفَعُ} لأنهم لا يؤمنون، كقوله: {فَمَا تَنْفَعُهُمْ شَفَاعَةُ الشَّافِعِينَ}، أي: لا يكون لهم من يشفع، ليس أن يكون لهم شفعاء فيشفعون فلا تقبل شفاعتهم؛ فعلى ذلك جائز أن يكون قوله: {لَا يَنفَعُ} لأنهم يشغلون عن الإيمان فلا يؤمنون، فلا ينفع لهم، على ما ذكرنا.

ثم اختلف فيه:

قَالَ بَعْضُهُمْ: {زَلْزَلَةَ السَّاعَةِ}: قبل الساعة، وقيل: القيامة.

﴿ ١