٢

وقوله: (الَّذِي لَهُ مُلْكُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ ... (٢) جائز أن يكون قوله: {لَهُ مُلْكُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ} وصلة قوله: {تَبَارَكَ الَّذِي نَزَّلَ الْفُرْفَانَ}، ووجهه - واللّه أعلم - أي: تعالى عن أن يكون النذير الذي بعثه فيهم، إنما بعثه لحاجة نفسه لجر منفعة إليه، أو لدفع مضرة عنه على بعث ملوك الأرض من الرسل لحوائج أنفسهم: لجر النفع إليهم، أو لدفع مضرة عنهم، ولكن إنما يبعث النذير والبشير إلى الخلق لمنافع أنفسهم؛ إذ لا يحتمل أن يكون من له ملك السماوات والأرض أن يبعث النذير والبشير لمنافع نفسه ولحاجته؛ لغناه، وأما ملوك الأرض لا يملكون ذلك؛ فلذلك ما يرسلون ويبعثون من الرسل إنما يبعثون ويرسلون لمنافع أنفسهم وحوائجهم؛ لدفع مضرة أو جر منفعة.

وجائز أن يكون قوله: {تَبَارَكَ} أي: تعالى عن أن يتخذ ولدا أو شريكًا في الملك على ما نسبوا إليه من الولد والشريك، فقال: تعالى عن أن يكون له الولد أو الشريك؛ إذ له ملك السماوات والأرض، فالولد في الشاهد إنما يتخذ لإحدى خلال ثلاث؛ وقد ذكرناها.

وبعد: فإن الولد في الشاهد إنما يكون من جنس الوالد ومن جوهره، ويكون من أشكاله، وكل ذي شكل وجنس يكون فيه منقصة وآفة؛ وكذلك الشريك إنما يكون من جنسه ومن شكله، وإنما يقع الحاجة إلى الولد إما لعجز أو آفة، فإذا كان اللّه سبحانه له ملك السماوات والأرض وهو خالقهما - فأنى يقع له الحاجة إلى الولد والشريك؟!

وقوله: {وَخَلَقَ كُلَّ شَيْءٍ}: فيه دلالة نقض قول المعتزلة؛ لأنه أخبر أنه خلق كل شيء، وعلى قولهم أكثر الأشياء لم يخلقها من الحركات والسكون والاجتماع والتفرق وجميع الأعراض؛ لأنهم يقولون: إنها ليست بمخلوقة للّه ولا صنع له فيها.

وقوله: {فَقَدَّرَهُ تَقْدِيرًا}: جائز أن يكون قوله: {فَقَدَّرَهُ تَقْدِيرًا} لحكمة أو {فَقَدَّرَهُ تَقْدِيرًا} لوحدانية اللّه وألوهيته، أو {فَقَدَّرَهُ تَقْدِيرًا} أي: جعل له حدًّا لو اجتمع الخلائق على ذلك ما عرفوا قدره ولا حده من صلاح وغيره ما لو لم يقدر ذلك لفسد.

﴿ ٢