٣

ثم نعت المؤمنين ووصفهم فقال: (الَّذِينَ يُقِيمُونَ الصَّلَاةَ وَيُؤْتُونَ الزَّكَاةَ ... (٣) يحتمل قوله: {الَّذِينَ يُقِيمُونَ الصَّلَاةَ وَيُؤْتُونَ الزَّكَاةَ} أي: يقرون بهما ويؤمنون؛ لأن من الناس من كان يؤمن باللّه وبرسوله، لكنهم أبوا الإيمان بالصلاة والزكاة؛ كقوله: {فَإِنْ تَابُوا وَأَقَامُوا الصَّلَاةَ وَآتَوُا الزَّكَاةَ فَخَلُّوا سَبِيلَهُمْ}. لا يحتمل أن يأمرهم بحبسهم إلى أن تمضي السنة فتجب الزكاة عليهم فيؤتون، فحينئذ يخلون سبيلهم، ولكن الأمر بحبسهم إلى أن يقروا بها ويؤمنوا، فيخلون عند ذلك سبيلهم.

وكذلك قوله: {الَّذِينَ لَا يُؤْتُونَ الزَّكَاةَ}، لا يقبلونها ولا يقرون بها ليس على فعل الإيتاء، فعلى ذلك الأول يحتمل هذا.

والثاني: يحتمل الأمرين جميعًا: القبول والإقرار بها والإيتاء جميعًا، أي: إذا قبلوها وأقروا بها وأعطوها - فحينئذ يستوجبون هذه البشارة التي ذكرت.

وقوله: {وَهُمْ بِالْآخِرَةِ هُمْ يُوقِنُونَ}: الإيقان بالشيء: هو العمل به من جهة الاستدلال والاجتهاد، والأسباب التي يستفاد بها العلم بالأشياء لا العلم الذاتي؛ ولذلك لا يوصف اللّه على الإيقان بالشيء ولا يقال: يا موقن؛ لأنه عالم بذاته لا بالأسباب، وباللّه التوفيق.

﴿ ٣