٥

وقوله: (وَنُرِيدُ أَنْ نَمُنَّ عَلَى الَّذِينَ اسْتُضْعِفُوا فِي الْأَرْضِ وَنَجْعَلَهُمْ أَئِمَّةً وَنَجْعَلَهُمُ الْوَارِثِينَ (٥) هذا في الظاهر إخبار لرسوله أنه سيفعل ذلك، لا أنه من عليهم وفعل ذلك؛ لأنه يقول: نريد أن نمن على الذين كذا، وقد من عليهم بذلك فهلا قال: وقد مننا على الذين استضعفوا في الأرض؛ لكن معناه - واللّه أعلم - أي: كنا نريد في الأزل أن نمن عليهم، وأن نجعلهم أئمة، وأن نجعلهم الوارثين، وإلا الظاهر ما ذكرنا.

وقوله: {وَنَجْعَلَهُمْ أَئِمَّةً} يحتمل وجهين:

أحدهما: جعلهم جميعًا أئمة لنا، بهم نقتدي وننقاد لهم، أو أن يكون قوله: قوله تعالى: {وَنَجْعَلَهُمْ أَئِمَّةً} أي: نجعل فيهم أئمة وقادة لهم، أي: نجعل بعضهم أئمة لبعض؛ كقوله لموسى: {اذْكُرُوا نِعْمَةَ اللّه عَلَيْكُمْ إِذْ جَعَلَ فِيكُمْ أَنْبِيَاءَ}، والأئمة المذكورة هاهنا كأنهم هم الأنبياء الذين ذكروا في هذه الآية.

(وَنَجْعَلَهُمُ الْوَارِثِينَ (٥). وَنُمكِّنَ لَهُم فِي آلْازضِ): هذا كما ذكر في آية أخرى: {وَأَوْرَثْنَا الْقَوْمَ الَّذِينَ كَانُوا يُسْتَضْعَفُونَ مَشَارِقَ الْأَرْضِ وَمَغَارِبَهَا} الآية، أي: يرثون الأرض وملكهم بعد فرعون وقومه.

والوارث: هو الباقي على ما ذكرنا؛ كأنه قال: يبقون هم في أرضهم وملكهم بعد هلاكهم؛ كقوله: {إِنَّا نَحْنُ نَرِثُ الْأَرْضَ وَمَنْ عَلَيْهَا}، أي: نبقى نحن بعد هلاك الأرض وهلاك من عليها، واللّه أعلم.

﴿ ٥