٥٠

وقوله: {وَقَالُوا لَوْلَا أُنْزِلَ عَلَيْهِ آيَاتٌ مِنْ رَبِّهِ} وفي بعض القراءات: (ءاية من ربه) على الوحدان؛ فكأنهم سألوه مرة آية؛ كقوله: {إِنْ نَشَأْ نُنَزِّلْ عَلَيْهِمْ مِنَ السَّمَاءِ آيَةً فَظَلَّتْ أَعْنَاقُهُمْ لَهَ}، وإنما ينزل إذا شاء بعد السؤال، ومرة سألوه آيات؛ كقولهم: (لَوْلَا أُنْزِلَ إِلَيْهِ مَلَكٌ فَيَكُونَ مَعَهُ نَذِيرًا (٧) أَوْ يُلْقَى إِلَيْهِ كَنْزٌ أَوْ تَكُونُ لَهُ جَنَّةٌ يَأْكُلُ مِنْهَا)، وكقولهم: {أَوْ تَكُونَ لَكَ جَنَّةٌ مِنْ نَخِيلٍ وَعِنَبٍ فَتُفَجِّرَ الْأَنْهَارَ خِلَالَهَا تَفْجِيرًا. . .} الآية، ونحوها من الآيات التي سألوها، فمرة سألوه آيات، ومرة سألوه آية، فقول من قال: أختار قراءة {آيَاتٌ} على قراءة (ءاية) محال إذا ثبت أنه قراءة، فأخبر - عَزَّ وَجَلَّ - على ما كان منهم، واللّه أعلم.

وقوله: {قُلْ إِنَّمَا الْآيَاتُ عِنْدَ اللّه} أي: من عنده تجيء الآيات؛ فكأنهم سألوه آيات

قاهرة تقهرهم وتضطرهم على القبول والإقبال إليه الآيات يكون في ذلك وجه الاختيار، لكن سؤال عناد ومكابرة، لا سؤال استرشاد واستهداء فقال: إن اللّه قد عفا عن هذه الأمة عن إنزال ما به هلاكهم على أثر سؤال العناد والمكابرة، وإن كان في غيرها من الأمم السالفة ينزل عليهم الهلاك والعذاب على إثر سؤال العناد، واللّه أعلم.

وقوله: {وَإِنَّمَا أَنَا نَذِيرٌ مُبِينٌ} هذا يحتمل وجهين:

أحدهما: وإنما أنا نذير من اللّه مبين: أن اللّه أمرني بذلك وأرسلني إليكم.

والثاني: {وَإِنَّمَا أَنَا نَذِيرٌ مُبِينٌ} أي: ليس عليَّ إلا الإنذار لكم أبين النذارة، فأما غير ذلك فليس عليَّ؛ كقوله: {مَا عَلَيْكَ مِنْ حِسَابِهِمْ مِنْ شَيْءٍ. . .} الآية، ونحوه.

﴿ ٥٠